يقول لنا ساهر المرور الجديد، الذي ولد ليكون على أهبة الاستعداد دوما، يقلب أعينه على طرقاتنا، وداعا. وداعا لتجاوز السرعة إلا عند أماكن اختباء الرادارات، ووداعا «للمكبسين» على الطريق الثاني ليخبرونا بمكان الرادار الجديد، وداعا للسباقات و«المقاومات» آناء الليل وأطراف النهار. وداعا لمخالفات الأطفال، وداعا للأيمان المغلظة ان جدتي لم تقطع الإشارة!. وداعا ل «فين تشتغل»، وعطني «إثباتك»، و«تكفى آخر مرة»، وداعا لقطع الإشارات، ووداعا أكبر لحراسها ووداعا لعشاق ضوء الإشارة الأصفر، ووداعا للاستهتار والمزاجية وعدم الاكتراث لحق الآخرين في الطريق. وداعا لكل هذا، فصديقنا الساهر لا يفهم لغتنا كما يفهم أخطاءنا، ولن تأخذه في المخالفة لومة لائم. سنراه يدونها ويسجلها، ولن يذر صغيرة أو كبيرة من المخالفات إلا قيدها، ثم يرسلها لنا من أجل راحتنا على هواتفنا مباشرة. هو جهاز أصم لا ينطق إلا الصدق، ولا يرى إلا صور الخطيئة في وضع التلبس. مؤلم جدا أن بشريتنا لم تعن الحفاظ على أرواحنا وممتلكاتنا، وأرواح الآخرين وممتلكاتهم، فاضطررنا إلى استجلاب الآلة لتحل محل ضمائرنا ووعينا، وقبل هذه وتلك إدراكنا بأمانة الرب التي استودعنا إياها. لنصلِ لله أن يقوم ساهر بما لم نقم به، وأن يهز الضمير والوعي فينا أن اكتفينا من دموع على أرواح مضت، وأن اكتفت الشوارع من دماء على جنباتها سالت. ساهر الذي لا ينام، سيكون هناك، وسيكون هناك من يحاول التحايل عليه واللعب على نقاط ضعفه، ولن يعلم ذلك الذي يفعل، أنه يرتكب جرما لا يغتفر، وأن التحايل الآن لا يعني جريمة فردية، بل جريمة في حق كل مواطن ومقيم يعيش بهذا البلد، جريمة تقوم على قتل أداة تحمينا بعد الله من أن نكون ضحايا حرب الطرقات.