لا أعلم لماذا يصر بعض الأشخاص على الاستمرار بمبدأ النفاق الاجتماعي “المفضوح” الذي يستشري في مجتمعنا “المثالي”، حتى وصل إلى مرحلة الابتذال، فأصبح من الطبيعي لدينا مشاهدة شخصين يتبادلان التحايا وعبارات الإطراء وبعد أقل من عشر ثوان على افتراقهما تبدأ الديباجة المشهورة “يا ثقل دمه”، أو “وش يبي ذا النشبه” وهلم جرا. وهذا بالضبط ما حصل معي في إحدى المناسبات الاجتماعية عندما قابلني شخص من تلك الفصيلة وبدأ يسبغ علي من الأوصاف الحميدة “اللي تطير بالعج”، ويتحدث عن شعور الحسرة الذي اعتراه لأنني لم أشاركه رحلته الصيفية، فشكرته بشكل مؤدب ولكن هذا الأحمق لم ينتظر العشرة الثواني القانونية، بل التفت إلى صاحبه ظانا أنني لا أسمع قائلا: “لا تصدق كل اللي قلته عنه!” لم أعلق وفضلت التجاهل لأنني وصلت إلى قناعة وهي أن هذا الداء مستفحل ولا يمكن علاجه وما هم إلا نُسخ من (دكتور جيكل ومستر هايد!) شخصيات العمل الأدبي الشهير.