عكس التفوق الذي حصل عليه أمس ثلاثة طلاب من المنضوين تحت ظل مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع “موهبة”، مدى نجاح الفكرة التي قامت عليها المؤسسة واستطاعت ضم أكثر من 3 في المئة من المجتمع السعودي في وقت وجيز. ولم تكن البادرة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين مساء الأحد الموافق الثالث من شهر شعبان لعام 1419ه، سوى بذرة خير لرعاية آلاف الموهوبين السعوديين، الذين كانوا يتوقون لمن يرعاهم، ويأخذ بأيديهم نحو العالم الأول، بعيدا عن صفة “البداوة” التي طالما نعتنا بها الغرب، ليأتي أمس ويحظي ثلاثة من أشجار نبتت في بستان (موهبة) بالريادة العالمية، متفوقين على أقرانهم ممن نعتهم الغرب بأنهم العالم الأول، ولا مجال لتخطي الحواجز في حضورهم. الإنجاز الآخر غادر ثلاثة طلاب من مدارسنا الثانوية، ممن برعوا في التعامل مع المجال الهندسي، لتمثيل السعودية في محفل الأولمبياد العالمية لعالم مستدام (I-SWEEP)، التي تقام سنويا في مدينة هيوستن بولاية تكساس الأمريكية، ودخلت دورتها الرابعة، بعد أولى انطلاقاتها في عام 2007. هناك اصطف عبدالرحمن الفوزان، وعبدالمحسن البلوشي، وعبدالعزيز الغنيم، وسط 651 مشاركا مثلوا 69 دولة و 43 ولاية أمريكية. ولأن الهدف الأوحد للجميع لم يخرج عن العودة بميدالية حول الرقاب، أو شهادة تُعلي الجباه، كان التباري في 478 مشروعا، يقوم على تحكيمها 222 حكما للمرحلتين الثانوية “على مستوى العالم”، والمتوسطة “على مستوى أمريكا فقط”. قدم الفوزان “كاشف الحريق”، فيما أبرز البلوشي مشروع “الطاقة الشمسية للأطباق الفضائية”، أما الغنيم فركز في مشروعه على “نوافذ الحماية”، وبدأت المنافسة، لتنتهي على منصة التتويج. حصل ابن (موهبة) الأول على الفضة، وقاسمه ابنها الثاني على ميدالية مماثلة، ولم يعد الابن الثالث خاوي الوفاض، بل توج رقبة (موهبة) بالبرونزية. عرس 2010 حفزت المكانة التي حظيت بها مسابقة آي سويب، عالميا، مؤسسة موهبة على الدخول فيها، لمزيد من الاحتكاك مع العالم المتقدم، ولاكتشاف قدرة الأغصان التي تربت في بستان السعودية على مقارعة الكبار، بعد عقد من التربية والاهتمام، خاصة أن مؤسسة كوزموس الراعية للمسابقة غير ربحية وشروطها للمنافسة لا تتعدى التميز، بالإضافة إلى أعمار المتقدمين بما لا يتعدى 21 عاما. وأوضح أحمد البلوشي المشرف العام على برامج (موهبة) الإثرائية رئيس الوفد السعودي، أن جوائز المنافسة تصل إلى 400 ألف دولار، ومفتوحة لطلاب الثانوية، ومقتصرة على الأمريكيين في المرحلة المتوسطة، مشيرا إلى أن المسابقة محضن للمبدعين، إذ تسعى لتشجيع البحوث العلمية المتعلقة بالهندسة، وتوفير وإدارة الطاقة، التي ستنمي مفاهيم التكنولوجيا الصديقة للبيئة في طلبة الثانوية، ما يعطي طلبة المرحلة الثانوية الفرصة لتجهيز أنفسهم ليصبحوا علماء ومهندسي المستقبل، من خلال منحهم الفرصة لفهم ووعي أكبر بالقضايا العالمية وأهمية التكنولوجيا في تحقيق الاستدامة العالمية التي ستكون في طليعة البحوث البيئية والتنموية مستقبلا. وقال: إن “مشاركة (موهبة) في مثل هذه الفعاليات والمحافل الدولية، يمثل واقع التطور العلمي والتقني والنهضة التي تعيشها السعودية في طريق التحول إلى مجتمع المعرفة، وتأكيد لدور (موهبة) في بناء وتطوير بيئة ومجتمع الإبداع بمفهومة الشامل في السعودية، كي يتمكن الموهوبون والموهوبات بفئاتهم المختلفة من تسخير مواهبهم لخدمة الوطن”. من نحن؟ عملت (موهبة) منذ انطلاقتها الأولى، قبل نحو عقد من الزمن، على تنمية المواهب بعد اكتشافها، حتى وجدت الأرض الطيبة متمثلة في 40 ألف موهوب وموهوبة، لتبدأ معهم رحلة التنمية والتقدم، ليستمر العطاء في المدارس وتمتد شجرة الموهبة ليستفيد أكثر من 80 ألف طالب وطالبة، يمثلون أكثر من 15 في المئة من طلاب السعودية.