باتت النجاحات الأمنية التي تتساقط فيها رؤوس تهريب الموت للمجتمع، تحتاج إلى كثير من الدعم، بما يعزز تقليص المخاطر التي تحاول بها جهات خارجية النيل والمساس بأخلاقيات ومقومات المواطن السعودي. وأعلنت أمس وزارة الداخلية السعودية عن ضبطيات لمهربي مخدرات فاق عددهم 195 شخصا، منهم 108 سعوديين، و 29 باكستانيا، وتسعة سوريين، وتركي، وسوداني، ومصري، وهندي، و 28 متسللا من مجهولي الهوية. وعلى الرغم من أن العدد يشكل مافيا حقيقية تعزز الدور الخفي في الوصول إلى أرض السعودية، وتجنيد بعض ضعاف النفوس، الراغبين في الثراء السريع، ومن باعوا ضميرهم ودينهم للشياطين لاستهداف أبنائهم وإخوانهم الآمنين، إلا أن المضبوطات هي الأخرى تشكل مصيبة عظمى، وتؤكد الحاجة إلى تشريع مواكب، يردع المافيا، قبل أن تطأ أقدامها النجسة حدود البلاد، ويبتر أي محاولات تفكير في إدخال هذه الآفة إلى البلاد، في ظل توافر العقاب الشرعي بالقصاص من أي مهرب مخدرات. فهل يكون التشهير أحد الأذرع والآليات التي يمكن عبرها اجتثاث الظاهرة؟ أم أن هناك من المعوقات ما يمنع ذلك؟ وإذا كان مهربو القات يجدون طريقهم للتشهير المعلن في وسائل الإعلام، فهل يتفاعل المجتمع والأجهزة التشريعية والتنفيذية في تبني مثل ذلك الإجراء، خاصة بعد اكتمال التحقيقات اللازمة لصدور الأحكام الشرعية؟. ولماذا لم يتضمن أي حكم شرعي بالقصاص من مهربي المخدرات حتى الآن التشهير؟ هل للاعتقاد بأنه أداة لا قيمة لها؟ أم أنه لدواع أمنية؟ أم لظروف مجتمعية وإنسانية؟ “شمس” حاولت تسليط الضوء على اقتراح التشهير، بمعطيات ضبطيات مكافحة المخدرات، وجهود الإدارة المتواصلة لتأمين سلامة المجتمع من غدر بعض الخارجين، ومكر القادمين. نجاحات المكافحة لم يكن ما أعلنته وزارة الداخلية عبر اللواء منصور التركي المتحدث الأمني أمس، إلا واحدا من نجاحات دأبت عليها إدارة مكافحة المخدرات، فيما ينظر المجتمع لها بإيجابية، ليأتي العام المقبل بمزيد من المضبوطات، ويتكرر السؤال: هل القصاص الوسيلة الوحيدة التي نكافح بها وصول المخدرات إلى البلاد؟ أم أن التوعية هي الأخرى وسيلة فعالة لمنع الترويج في الداخل؟ فالوزارة أعلنت أمس أنها ضبطت في عدد من العمليات الناجحة 20.8 كيلوجرام هيروين، و 2.7 طن حشيش، و 8.1 مليون حبة كبتاجون، مع تلك المجموعة من المهربين، منوهة بالتعاون المميز والتنسيق مع مصلحة الجمارك في ضبط عدد من محاولات التهريب، ومؤكدة أن رجال الأمن سيواصلون تنفيذ مهامهم لحماية المجتمع من آفة المخدرات ووقايته من أضرارها، وسيعملون بمهنية للحيلولة دون استهداف المجتمع وأبنائه في أمنهم أو سلامتهم، والقبض على كل من يسعى لتهريب أو ترويج المخدرات بالسعودية، وتقديمهم إلى القضاء لنيل جزائهم العادل على ما يسعون إليه من شرور وفساد. التشهير مطلوب اعتبر الدكتور علي صحفان الاستشاري النفسي وأستاذ كلية الطب أن غياب سياسة التشهير، ضاعف من انتشار الجرائم كترويج المخدرات وغيرها، وتسبب في زيادة الفساد الإداري في بعض الدوائر الحكومية. وقال: “تطبيق هذه السياسة لهؤلاء المجرمين أيا كان جرمهم سيحد وبلا شك من هذه الجرائم، لأن الشخص سيكون لديه علم مسبق بهذا التشهير، وبالتالي سيأخذ حذره ويعمل بشكل نظامي لا يوقعه في الخطأ أيا كان عمله”. وأضاف: “التشهير له فوائده الكبيرة، وإذا شهرنا بمروجي المخدرات مثلا، فإن ذلك سيكون له مردود كبير ورادع لغيرهم من المروجين، وهنا أطالب بتطبيق هذا التشهير في مثل هذا الترويج”. وأشار إلى أن سياسة التشهير لا بد أن تأخذ وضعها الآن في ظل هذه القضايا والأحداث التي نطالعها كل يوم، وسنجني ثمارها بلا شك مستقبلا. التشهير مقيد لكن خالد سامي أبو راشد المحامي والمستشار القانوني أكد أن التشهير لا يحق نظاما إلا وفق حكم قضائي يتضمن ذلك. وقال ل “شمس”: إن النظام نص على حالتين فقط، يحق فيهما التشهير، الأولى أن يتضمن الحكم القضائي النهائي ذلك، والثانية أن يحتوي نظام المكافحة أو الجريمة التشهير، مثل التزوير والشيكات، وفيما عدا ذلك لا يحق لأي جهة تنفيذية الإدلاء بأي معلومات عن المتهمين أو التشهير بهم، لأن ذلك قد يوقعهم في حرج في التحقيقات والقضايا.