بدت علامات الدهشة واضحة على محيا عبدالله البنعلي (طالب جامعي)، عندما أخبره صديقه محمد الدوسري (موظف بنك) بمعلومة رآها خطيرة جدا، حيث لم يسمع بها من قبل، وبعد لحظات تلاشت الدهشة لترتسم ابتسامة على وجهه ليعقبها بعبارة: “مرحبا بالبكتيريا إن كان ذلك هو طريقها”.. الحديث لصديقهما الثالث صلاح الخليف كان مشوقا فأقحم نفسه مباشرة “وش السالفة؟”.. ليأتيه الرد من الدوسري قائلا: “الفلوس تنقل البكتيريا انتبه منها”.. لتدوي ضحكة عالية في المكان ممزوجة بكثير من السخرية وعدم التصديق. ما سبق، ليس مشهدا كوميديا، بل قصة حقيقية، فالدراسات المعلنة أخيرا أثبتت ذلك، وأمس كشفت باحثة سعودية هي سلمى بخش، من قسم تقنية المختبرات الطبية بكلية العلوم الطبية التطبيقية بجامعة الملك عبدالعزيز أنها قدمت دراسة عن التلوث البكتيري الموجود في الأوراق المالية المتداولة وثبت دورها في انتقال العدوى بشكل كبير بين متداوليها. دراسة: 88 % منها ضار وأوضحت بخش في دراستها أنه من خلال اختبار الأوراق المالية الصادرة فور صدورها وقبل تداولها اتضح أنها لا تحمل أي بكتيريا ضارة يمكن أن تنقل العدوى إلى متداوليها، بينما 88 في المئة من الأوراق المالية المتداولة والتي تم اختبارها حملت معها العديد من أنواع البكتيريا الضارة. مشيرة إلى أنه في أكثر من 40 في المئة من الحالات تم اكتشاف البكتيريا العنقودية على الأوراق المالية، بينما تم عزل بكتيريا سودوموناس التي تسبب العديد من الأمراض الالتهابية من 4 في المئة من الحالات. كذلك، فقد تم عزل البكتيريا المسببة للالتهابات المعوية والإسهال من نحو 18 في المئة من الأوراق المالية. وأكدت الباحثة على ضرورة الاهتمام بوسائل السلامة الصحية والبيئية واتخاذ الإجراءات الاحترازية عند حمل النقود وتداولها، وضرورة الاهتمام بنظافة الأيدي قبل تناول الأكل وبعد تداول الأوراق المالية. كما نصحت الباحثة بضرورة تعقيم الأوراق المالية المودعة لدى البنوك المحلية باستخدام طرق التعقيم المعروفة عالميا مثل تعريضها للأشعة فوق البنفسجية. الأطباء: خطرها واضح من جهة أخرى، أكد الدكتور محمد الطفيل رئيس قسم السموم في مستشفى الملك فيصل التخصصي ما ذهبت إليه الباحثة بخش، وذكر أن العملات النقدية تحمل العديد من الفيروسات بسبب تنقلها من يد شخص إلى آخر. وطالب الطفيل بضرورة توخي الحذر عند حمل النقود، موضحا أن خطرها يكمن في حال وصولها لأشخاص سليمين بواسطة آخرين مرضى، وعن وجود آليات لاكتشاف الورقة النقدية الحاملة للبكتيريا، قال: “ذلك أمر في غاية السهولة، العلم تطور كثيرا، وأصبحنا الآن قادرين على معرفة تفاصيل دقيقة عن حامل الورقة النقدية حتى لو كان قد باشر عمل متفجرات أو مخدرات، والعديد من الدول الأوروبية تكشف طلابها وأحداثها المدمنين من خلال الأوراق النقدية، وذلك عبر فحص لا يتجاوز الدقائق الثلاث”. واعتبر أن الأشخاص المتعاملين بالنقد باستمرار ومنهم العاملون في البنوك والبقالات هم الأكثر عرضة للخطر، وطالبهم بضرورة لبس القفازات اليدوية لحمايتهم من الفيروسات، كما أوصاهم بضرورة غسل اليدين بعد ملامسة النقود في حال حاجتهم لملامسة العينين أو الأكل، وكذلك استخدام المطهرات للوقاية من البكتيريا والفيروسات. وأكدت كارولين بلين متخصصة في إعداد دراسات العدوى والفيروسات بمركز متخصص في دبي أن الأوراق النقدية تسبب أمراضا جلدية جراء تداولها بين الأشخاص خصوصا ممن تكون مناعتهم قليلة كصغار السن والكبار، وحذرت من إعطاء الأطفال العملات النقدية كونهم يضعونها على الفور في أفواههم ما يشكل خطرا حقيقيا على صحتهم، وأضافت: “بعض البكتيريا والفيروسات تعيش لمدة طولية من الزمن، حيث تقوم ببناء أجسام تخول لها العيش لمدة أطول، والوقاية من ذلك تكمن في استعمال المطهرات وغسل اليدين باستمرار”. واعتبر الدكتور محمد المعيوف أن كل الأشياء من حولنا تحمل البكتيريا والفيروسات بما في ذلك البطاقات المصرفية، وطالب الجميع بغسل اليدين بعد استلام المبالغ خصوصا القديمة منها؛ لأنه ثبت أنها أكثر ضررا من غيرها. الشباب: ما يهمنا وعلى مضض، صدق الشاب الحسن الهلالي بالموضوع، وقال: “بصراحة لم أسمع بذلك من قبل، ولست متأكدا مما تقوله الدراسات، وقد تنقل العملات الورقية البكتيريا لكنها لا تصل إلى حد مقاطعتها، لا سمح الله، أو الخوف منها بدرجة كبيرة”. وأكد الهلالي أنه يفضل استخدام بطاقة الصراف الآلي أثناء توجهه للتسوق في المحال التجارية، ويشير إلى أن معظم أصدقائه غير حريصين على حمل النقود”. وأضاف علي محمد: “سمعت بمعلومة كهذه لكني لم أصدق بها، وعموما الأوراق النقدية قد تنقل البكتيريا حالها حال الكثير من الأجسام والأسطح التي نمر عليها في حياتنا اليومية، وعني شخصيا أستخدم البطاقات المصرفية بدلا منها، ولا أجدني في حاجة ماسة إلى غسل يدي بعد استلام مبالغ نقدية؛ لأن الحاجة لا تستدعي ذلك”. واعتبر فهد المهيلب أنه يحمل النقود باستمرار ولا يخشى أن يلحقه ضرر منها، وقال: “على العكس تماما (الفلوس) لا مضرة منها، بل تحمل معها كل السعد والفائدة، وهذه الدراسة التي تقول ذلك لن آخذ بها إطلاقا”.. وأضاف: “لو لامست يداي كمية من المبالغ النقدية سأحتاج إلى وقت أطول من المعتاد قبل القيام بعملية غسلها”.