لا شيء أثقل على نفس الموظف من اجتماع العمل الذي تبدو فيه عقدة الإنسان المقهور بكل تجلياتها من جهة، ونزعة التحكم والسيطرة التي يبديها رئيس الاجتماع من جهة أخرى. وفي الدقائق القليلة التي لا أستسلم فيها إلى نوم عابر، تكون الجموع الأخرى من الموظفين منشغلة بمتابعة أدق التفاصيل التي يوحي بها وجه المدير، ما بين تقطيبة غضب وابتسامة رضا، وهم في وجل من النتائج الكارثية التي قد يخرج بها اجتماع مصيري كهذا. ورغم أنني اعتدت على اللامبالاة في حياتي اليومية، لكني أحرص كثيرا على حضور الاجتماعات في وقتها، لأنه الوقت الوحيد الذي لا ينتبه فيه أحد إلى غفوتي التي أسترقها حين تبدأ مناقشة جدول الأعمال اليومي الذي أعلم أنه لن يفوتني من أمره شيء سوى ما يتعلق بحكمة اليوم التي يحرص المدير على إطلاقها في نهاية الاجتماع على طريقة الإذاعات العربية في السبعينيات.