أصبح منظر الشباب السعودي وهم يجوبون الشوارع عرضا وطولا أملا في الحصول على الريالات العشرة مقابل غسيل سيارة المواطنين والمقيمين أمرا عاديا، ولم تعد هناك غرابة، فبعد أن ظهر مجموعة من الشباب الشهر الماضي وهم يرتدون زيهم الرسمي ويغسلون السيارات بثيابهم الناصعة البيضاء وأشمغهم التي لفوا بها وجوههم حياء، رصدت “شمس” قبل أيام شبابا يمارسون المهن نفسها لكن شرق البلاد هذه المرة، وفي مدينة الدمام تحديدا، لكن من خلال الحديث معهم اتضحوا أن من بينهم المتزوج الذى يكدح بشرف لتدبير متطلبات المعيشة، والعاطل الذي حفيت قدماه من أجل الحصول على عمل. لا للاستسلام مجموعة من هؤلاء الشبان يوجدون بشكل مكثف أمام مستشفى الدمام المركزي ومعروفون لدى الكثير من سكان المنطقة بالإخلاص والتفاني في عملهم ويصرون على الاستمرار في المهنة لحين الحصول على وظيفة أفضل توفر لهم الحياة الكريمة. يقول نواف الخالدي (37 عاما) إنه يعمل في حرفة غسيل السيارات منذ أربع سنوات كعمل إضافي بعد الانتهاء من عمله في إحدى الشركات الخاصة، ويصر على الاستمرارية فى هذه الحرفة التى تحتاج إلى الصبر في مواجهة حرارة الشمس وارتفاع الرطوبة خلال الصيف وبرودة الجو والأمطار خلال الشتاء، ويشير إلى أنه في بداية الأمر كان يشعر بالخجل من الحرفة ومع مرور الوقت أصبح الأمر عاديا وزادت خبرته في التعامل مع الآخرين وكثرت زبائنه وهو سعيد أنه يعمل بشرف ولم يستسلم لطابور البطالة. ثبات تسعيرة وعن الدخل اليومي يقول نواف إنه يتراوح بين 50 إلى 80 ريالا، ولكن يومي الخميس والجمعة يكون الدخل أفضل لكثرة سيارات الشباب. ويشير إلى أنه يغسل السيارة الواحدة ب 15 ريالا إذا كان من الداخل والخارج و10 ريالات للغسيل الخارجي، ويشير إلى أن بعض الزبائن وخصوصا أصحاب السيارات الفارهة يدفعون مقابلا أكبر قد يكون 20 أو 30 ريالا. أما أبو صالح الذي يبلغ من العمر 29 عاما (متزوج ولديه أربعة أبناء) فقد بدأ العمل بالحرفة قبل أربع سنوات بعدما ساءت ظروفه المادية ولم يعثر على الوظيفة فاضطر إلى هذا العمل حتى يوفر لأسرته الحياة الكريمة داعيا الشباب أن يأكلوا من عمل أيديهم، بدلا من التسكع في الشوارع وطلب المعونة من الغير. حرج مع الجيران وعن بعض المواقف المحرجة التي يتعرضون لها يقول أبو صالح في بادئ الأمر صادفتني بعض الأمور المحرجة كأن يكون صاحب السيارة التي يقوم بغسلها من الجيران أو الأصدقاء القدامى أو الأقارب لكن مع الوقت أصبح الأمر عاديا بالنسبة له بل أصبح يجد متعة في زيادة الدخل اليومي على مدار الساعة. وبخصوص دخله اليومي يقول أبو صالح إنه يتفاوت في بعض الأيام ولكن يعد يومي الأربعاء والخميس هما أفضل الأيام حيث يكون الدخل جيدا يتراوح ما بين 60 إلى 100 ريال، ويضيف عوض السفياني أن ما يهمه هو أن يحصل على رزقه بطريق مشروع، ويوضح أن العمل خير من الانتظار الطويل الذي قد لا يأتي بفائدة. تجميع مهر العروس ويكمل طلال الهزازي (25 عاما) أن ميزة عملهم أنه يبدأ بعد الساعة الرابعة عصرا ويستمر حتى منتصف الليل ويجهز أولا جالونات المياه بعد تعبئتها بواسطة سيارات نقل المياه (الوايت) ثم ينتظر أصحاب السيارات الذين يأتون خصيصا للغسيل، ويحلم الهزازي بتدبير مهر العروس من هذه الحرفة بينما يؤكد عوض السفياني اعتزازه بهذا العمل على الرغم من مشقته، ويشير إلى أنه يعمل موظف أمن بإحدى الشركات الخاصة في الدوام الصباحي ودفعته متطلبات وأعباء الحياة للعمل فى هذه الحرفة التي توفر له دخلا إضافيا يوفر الحد الأدنى من الحياة الكريمة له ولأسرته على الرغم من مشقتها ووقوفه ساعات طوالا في الشارع تحت حرارة الشمس.