قيل: إن يزيد بن المهلب كان مسافرا بصحبة ابنه معاوية، فمرا بامرأة بدوية فاستضافتهما وذبحث لهما عنزا، فلما أكلا قال يزيد لابنه: ما معك من النفقة؟ قال 100 دينار. فقال يزيد: أعطها إياها. فقال له ابنه: هذه امرأة فقيرة ويرضيها القليل وهي لا تعرفك. فقال يزيد: إن كان يرضيها القليل فأنا لا يرضيني إلا الكثير، وإن كانت لا تعرفني فأنا أعرف نفسي. لعل يزيد أراد من خلال حديثه لابنه أن يبين له أن الإنسان يجب أن يحسن إلى من أحسن إليه بأحسن طريقة لأن في ذلك سببا في دوام الإحسان بين الناس ونشر المحبة بينهم.. فالمرأة رغم فقرها أكرمت ضيفيها وأحسنت إليهما بأكثر من طاقتها، وكان في إمكانها أن تقدم لهما القليل من الزاد. لهذا فإن الرجل أراد أن يكافئها بأكثر مما قدمته لهما على الرغم من أنها تجهل من هو ومدى ثرائه وجاهه. والشاهد في الأمر أن بعض الناس يتجاهل من يحسنون إليهم تماما، وكأنهم لم يفعلوا شيئا، أو فعلوا أمرا ينبغي عليهم أن يفعلوه، فلا جزاء ولا شكور. وهؤلاء الناس موجودون في مجتمعنا، ومنهم من إذا أكرمته أساء إليك، ومنهم من إذا أنقذته من ضائقة مالية يدخلك فيها.. ويجعلك في حيرة من أمرك.. وتتساءل بينك وبين نفسك: هل هذا من جنس البشر أم من كوكب آخر؟!