بجانب القصص المأساوية للمتضررين من كارثة جدة هناك قصص مأساوية أخرى لا تزال مستمرة رغم مرور بضعة أشهر على الكارثة تتعلق بإجراءات صرف التعويضات خاصة لكبار السن والمعاقين في ظل فقدان العديد من مستحقي التعويضات لبعض الأوراق والمستندات التي تؤكد أحقيتهم في التعويضات، حيث تتحفظ لجنة الإغاثة بمحافظة جدة على 1400 شيك لمتضررين من السيول الأخيرة لتأخر أصحابها في استكمال وثائقهم الشخصية التي تخص الممتلكات ومن بينها نموذج 10 الذي اشترطته لجان الصرف بالنسبة إلى ملاك العقارات التي ليس عليها صكوك أو حجج استحكام. “شمس” قامت بجولة ميدانية في مقر لجان صرف التعويضات حيث اتفق غالبية المتضررين على وجود عوائق تتعلق بالتدقيق في السجلات وصور الوثائق، إضافة إلى التأخير في إنجاز الأوراق والازدحام الشديد في أماكن إنهاء الإجراءات، إضافة إلى أمية بعض المتضررين للقراءة والكتابة بدرجة تجعلهم يعجزون عن متابعة الإجراءات الخاصة بصرف تعويضاتهم. مرض نفسي ويزعم عبدالله صبياني أنه أصيب بمرض نفسي لعدم حصوله على التعويضات على الرغم من أنه يراجع الجهات المختصة على مدار شهرين، لافتا إلى أنه باع سيارته التي أتلفها السيل بثلاثة آلاف ريال وسددها كمخالفات مرورية، فيما أشار ابن أخيه عبدالله حسن إلى أنه يأتي بشكل شبه يومي للجنة لعله يعثر على اسمه بين قائمة المشمولين لكن دون جدوى، وعلى عكس عبدالله هناك بعض الأشخاص يعيشون حالة نشوة وفرح بعد تسلم شيك التعويضات؛ حيث لاحظت “شمس” أحد المتضررين وقد خرج فرحا بعد تسلمه شيكا بمبلغ 50 ألف ريال مقابل أغراض له جرفها السيل، وقال إن اللجنة زارتهم وقدرت الأضرار، ويرى أن قيمة التعويضات جيدة ومناسبة جدا. انتظار الفرج ويؤكد الشاب محمد الجهني أنه يأتي منذ نحو خمسة أسابيع إلى مقر اللجنة يوميا، ولا ينام حتى يتسنى له الذهاب إلى مقر اللجنة باكرا لإنهاء إجراءات المراجعة في الأحوال المدنية والمحكمة والدفاع المدني ولا يزال ينتظر الفرج، فيما تشهد المواقف الخارجية لمقر الدفاع المدني والساحات المحيطة بها ازدحاما كبيرا من أصحاب السيارات القادمين لمتابعة إجراءاتهم رغم تخصيص وزارة المالية تسعة موظفين لمتابعة إجراءات المتضررين وتسلم الشيكات بجانب لجان من الدفاع المدني والجهات الأخرى مع تخصيص صالات مخصصة للنساء ليتم من خلالها استقبال طلباتهن. استسلام للغفوة وفي المقابل استسلم عدد من المسنين لغفوة نوم مفاجئة تحت ظلال الأشجار بجانب مقر الدفاع المدني بعد أن طال بهم الوقت انتظارا للنداء بأسمائهم، وشكلت نسبة المسنين في صالات الانتظار نحو 70 في المئة من أعداد المتضررين، حيث أكد أحدهم أنه منذ شهرين يتنقل لإنهاء الإجراءات والمراجعات بين المحكمة واللجنة حتى استطاع أخيرا أن يفي بتلك المتطلبات لكنه ينتظر الفرج في الحصول على التعويضات خصوصا أنه يعول أسرة كبيرة وألحقت به السيول أضرارا كبيرة أقلها جرف السيول لسيارته. مخالفات صرف وعن اعتراض بعض المتضررين على تقدير قيمة التعويضات، أكد إبراهيم الدريويش رئيس اللجنة الإغاثة بجدة قلة عدد المعترضين على قيمة التعويضات لمنكوبين وذكر أنهم ثلاثة أشخاص ثم عاد اثنان منهم لاستلام الشيك الخاص به ولم يبق إلا واحد يبرر تأخره في استلام شيكه بعد الاعتراض بسفره للخارج، واعترف بأن هناك مخالفات وإشكاليات في عملية الصرف يتم احتواؤها بالتدقيق والمراجعة والمتابعة من قبل اللجان العاملة، وأن اللجنة تنتظر المراجعة من أصحاب الشيكات حتى يتسنى لهم الصرف وفق ما تقتضيه الإجراءات الخاصة بذلك، مؤكدا أن البعض منهم لم يستكمل أوراقه الرسمية والبعض خارج مدينة جدة وظروف عملهم لا تسمح بالعودة للمدينة. مراحل التعويض ويشير إبراهيم الدريويش رئيس لجنة الإغاثة بجدة إلى أن ما يتم صرفه خلال الأيام الحالية يمثل المرحلة الثانية من مراحل التعويض الخاصة بالمنازل والمحال، وأن هنالك مرحلة ثالثة وأخيرة ستكون في نهاية الشهر الجاري لتعويض المتضررين عن كل ما يخص السكن والمحال التجارية، كما أن هنالك خطة لتسليم تعويضات السيارات وفق كل حالة، داعيا كل متضرر تقديم كافة أوراقه ووثائقه حتى يتسنى لها صرف التعويض؛ حيث إن اللجنة تقوم بدراسة كافية ووافية ودقيقة لكافة المعلومات ولا يتم التسليم إلا بعد توافر كافة الأوراق والتأكد التام من صحتها، مشيرا إلى أن إجمالي عدد الشيكات التي تم تسليمها للمتضررين وصل إلى 4035 شيكا، وأعلى قيمة وصلت إلى 350 ألف ريال للشيك، وأقلها خمسة آلاف ريال قيمة أثاث منزل.