اجتاحت إنفلونزا الخنازير بقاع الأرض كافة، فصنفتها منظمة الصحة العالمية وباء عالميا مع احتمالات تحور الفيروس إلى سلالات مقاومة للأدوية واللقاحات، ما سيزيد من عدد الضحايا المحتملين مشكلا تهديدا للبشرية. ترى هل كانت المنظمة محقة في (الهلع) الذي بثته إلى دول العالم؟ فكثير من المرضى تعالجوا ومنهم أربعة من أقاربي من دون أي مشكلات تذكر. بعضهم أشاع أن شركات الأدوية وراء صناعة هذا المرض.. لكن مهما كانت دواعي الهلع الذي صنعه لنا هذا المرض، فقد استفدنا عدة دروس من هذه الأزمة، منها: أن نلتزم بالمحاذير العامة مثل النظافة والتعقيم بصفة دائمة، والمبادرة في العلاج، وحمل الأمور على محمل الجد، خصوصا لذوي الأمراض المزمنة، وعدم الإسراع في جلب اللقاحات أو الحلول الوقتية حتى يتم تجربتها في العالم ويمضي عليها وقت، وتغيير أنماط حياتنا اليومية بما يتفق مع الصحة العامة.. كما تعلمنا قليلا كيف تدار الأزمة, وكيفية تفاعل الجهات الصحية. وأعتقد أن الحدث الأبرز في هذه الأزمة كان في تغيير الأطباء لطرق تشخيصهم للمرض، وفي تفاعل المرضى مع أعراض المرض منذ بداياتها. ذكرني هذا المرض بقصة تاريخية عن (طاعون عمواس) في زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. حصد الطاعون قرابة 20 ألفا، فيهم الكثير من الصحابة، ما اضطر الخليفة إلى الاستئناس برأي عمرو بن العاص لما عرف عنه من ذكاء. فتمعن ابن العاص في ذلك الوباء فلاحظ أن المرض يشتد إذا اجتمع الناس فأشار على الخليفة بأن يتفرق الناس في الجبال، ففعلوا, واختفى الطاعون في أقل من شهر.. وهكذا فإن الأزمات تولد الحلول.