بلغة التحدي والإصرار يتصدى ذوو الاحتياجات الخاصة (المعوقين) أنواع المصاعب التي يواجهونها بسبب أوضاعهم الصحية ويتكيفون مع أقرانهم من الأصحاء من خلال الاستمتاع بحياتهم بصورة طبيعية. ولعل تواجد ذوي الاحتياجات الخاصة في ملاعب كرة القدم جوار مقاعد البدلاء للفرق أثناء المباريات يعتبر دليلا حيا على عشقهم للكرة وإصرارهم على الاستمتاع بمشاهدة إثارتها وأحداثها عن قرب رغم عدم مقدرتهم على ممارستها. ويمني ذوو الاحتياجات الخاصة أنفسهم في السلام على نجومهم المفضلين والتقاط صور تذكارية معهم أو الحصول على قمصانهم كتذكار يحتفظون به، إلا أنهم في كثير من الأحيان يصطدمون بتجاهل البعض وعدم التفاته إليهم، وأحيانا تنال أجسادهم نصيبها من مقذوفات الجماهير الغاضبة، إلى جانب معاناة الوصول من المواقف إلى داخل الملعب. “شمس” بدورها فتحت المساحة أمام ذوي الاحتياجات الخاصة في ملاعب كرة القدم للتنفيس عن همومهم ومناقشة الصعوبات التي يواجهونها، إضافة إلى إلقاء الضوء على مواقفهم مع الجماهير واللاعبين والعراقيل التي تعترضهم. موقع مرتفع في البداية كشف المشجع الأهلاوي غسان الغامدي (16 عاما) أن معاناتهم تكمن في موقعهم بالمضمار، مؤكدا حاجتهم إلى موقع مرتفع لمشاهدة الملعب بشكل أكثر وضوحا وقال: “نعاني أحيانا من ازدحام المواقف الخاصة بالسيارات إلى جانب عدم السماح للمرافقين بالدخول”. وأبدى رضاه النسبي على الموقع الحالي رغم خطورته في حال إلقاء الألعاب النارية وخلافها من المدرجات. وعاتب الغامدي لاعبي الأهلي خاصة في مواجهة الاتحاد الأخيرة نظرا إلى عدم سلامهم عليهم باستثناء ياسر المسيليم ومحمد السفري، مؤكدا أن تجاهل باقي اللاعبين خاصة النجوم الأساسيين أمر يحز في النفس وقال: “دائما لا أحضر مباريات الأهلي وللأسف عندما حضرت خسر وأهدر ركلة جزاء”. العكاز ممنوع في حين أوضح فارس عقيل أن أكثر ما يضايقه مسألة منع دخوله إلى المضمار بالعكاز إلا إذا كان على كرسي متحرك وقال: “أعاني من إعاقة في قدم واحدة، والحضور بكرسي متحرك أمر شاق لأن سيارتي صغيرة ولا تحتمل كرسيين في ظل مرافقة صديقي المعاق حركيا لي”، وأضاف: “من الصعب جدا الصعود إلى المدرجات خوفا من العرقلة أو التدافع الجماهيري”، وطالب عقيل بالتأكد من الإعاقات من خلال التشديد على إجراءات الدخول والمطالبة بتقرير طبي أو بطاقة صحية خاصة أن البعض يحضرون بكراسي متحركة وهم ليسوا معاقين”. وبين أن مواقف السيارات الخاصة تختلف في البطولات المحلية عن الخارجية خاصة الآسيوية التي تكون المواقف فيها بعيدة، ما يصعب الوصول إلى الملعب على عكس المحلية، وطالب عقيل بوضع مظلات في مقاعدهم لتحميهم من مقذوفات الجماهير، واستغرب تعمد إبعادهم عن اللاعبين، مشيرا إلى أنهم لن يؤذوهم، وعاتب لاعبي الاتحاد لتجاهلهم وعدم السلام عليهم باستثناء لاعبي الاحتياط، وأشار إلى أنه يحضر مباريات الأهلي الآسيوية رغم أنه اتحادي. ممنوع الاقتراب من اللاعبين وتذمر ناصر المالكي لاعب منتخب السلة لذوي الاحتياجات الخاصة وصاحب الميول الأهلاوية من وضعهم بعيدا عن اللاعبين وكأنهم سيلحقون الضرر بهم وقال: “مشكلتي في مواقف السيارات التي أتمنى أن تكون قريبة من البوابة في ظل قدوم بعضنا بسيارته الخاصة أو مع سائق”، ووصف موقعهم الحالي بالخطر نظرا إلى أنه مكشوف أمام الجماهير، مفضلا وضعهم أمام المنصة وليس الرابطة، مؤكدا حاجتهم إلى مكان أفضل لمشاهدة الملعب وقال: “في الآونة الأخيرة لمسنا تحسنا بتقديم الماء والشاي لنا بالمجان”، وبين أنه يحضر المباريات الجماهيرية لأنها أكثر حماسا وقربهم نسبيا من دكة الاحتياط تجعلهم قريبين من رصد انفعالات اللاعبين وحماسهم رغم عتبه عليهم لتجاهلهم كما حدث في مباراة الأهلي الأخيرة وقال: “ذوو الاحتياجات الخاصة بمن فيهم الصغار يفرحون بلقاء النجوم، وشكر “شمس” لاهتمامها بهم على عكس بعض وسائل الإعلام الأخرى”. أمنية أما المشجع الاتحادي بندر العنسي المقعد تماما بإعاقة حركية فلم يحزن من موقع جلوسهم في الملعب إلا أنه انتقد اللاعبين، مشيرا إلى أن بعضهم يخاف من ذوي الاحتياجات الخاصة ولا يرغب السلام عليهم، وحول موقعهم قال: “أفضل وضع زجاج شفاف حتى لا نعزل عن الجمهور تماما”، وأكد أنه لا يوجد مشكلة فيما يتعلق بالمواقف وقال: “أمنيتي التقاط صور تذكارية مع اللاعبين خاصة محمد نور الذي يرفض الاستجابة لطلبي بالحضور وربما يكون ذلك بسبب الغرور على عكس مناف أبو شقير”، وأضاف: “كنت أتمنى من لاعبي الهلال منحنا قمصانهم بعد مباراة الهلال التي اختتموا بها دوري زين أو تصرف الإدارة لنا قمصان الفريق”. الاتحاديون يتفاعلون وحملت “شمس” أمنيات ذوي الاحتياجات الخاصة إلى أصحاب الشأن؛ حيث أكد الدكتور خالد المرزوقي رئيس نادي الاتحاد أنهم محبوبون من الجميع، ووعد بأنهم كإدارة سيفعلون أدوارا تخدم الأمور التي تنعكس إيجابا على نفسياتهم، وطالبهم بالتماس العذر للاعبين لأن لديهم وقتا محددا لدخول الملعب، ولكن بعد نهاية المباراة فلا مانع من الالتقاء بهم والتقاط الصور معهم. وشاطر حمد الصنيع مدير فريق الاتحاد المرزوقي الرأي وأكد سعيه لإرضاء ذوي الاحتياجات الخاصة والتفاعل مع مطالبهم كواجب، ووعد بالحصول على القمصان الخاصة باللاعبين، إلى جانب تسهيل مسألة التقاط الصور التذكارية سواء كان محمد نور أو غيره في الملعب أو النادي إذا حضروا إليه. اهتمام بالغ من جهة أخرى تفاعل أحمد روزي مدير ملعب رعاية الشباب بجدة مع الموضوع بعد نقل المطالب إليه؛ حيث إن ذوي الاحتياجات الخاصة محبوبون من الجميع، وأشار إلى أن منع المرافقين من الدخول مع ذوي الاحتياجات الخاصة أمر ترفضه وتمنعه أنظمة الملاعب كرعاية شباب وليس كإدارة ملعب الأمير عبدالله الفيصل، مؤكدا وجود مواقف مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة داخل الملعب، وأوضح أن مواقع جلوسهم تحدد حسب ميولهم من خلال وضعهم في مدرجات أنديتهم، وأشار إلى أن تصاميم الملعب يصعب تأمين موقع آخر، في الوقت الذي يعتبر فيه ملعب الأمير عبدالله الفيصل من الملاعب النادرة التي لا يشعر فيها ذوو الاحتياجات الخاصة بالحاجة لأي شيء؛ حيث يستقبلهم العاملون في الملعب منذ وصولهم ويساعدونهم في النزول من السيارة ويرافقونهم حتى الوصول إلى مكانهم المحدد ومن ثم إيصالهم للسيارة بعد المباراة والمساعدة أيضا في إيصالهم إلى دورات المياه المخصصة مع تأمين المشروبات لهم بالمجان. وبرر إبعادهم عن مقاعد الاحتياط باحترام أدوار المدرب والجهاز الإداري وقال: “يكفي ذوو الاحتياجات الخاصة توتر المباراة، حيث إنه ربما يدخلون في انفعالات غير محسوبة من بعضهم قد تؤثر في أداء المدرب وقراراته بمطالبته بالتغيير لأحد اللاعبين مثلا”. وأوضح أن العكاز ممنوع نظاميا بأن يكون متواجدا داخل المضمار، ومن نواحٍ أمنية يمثل خطرا لأنه وسيلة للاعتداء، والشخص الذي بإمكانه الحركة بالعكاز يوجد له مكان مخصص في المنصة وبالمجان أيضا إلى جانب توفير مرافق يوصله لمكانه في المنصة.. واستبعد روزي وجود من يحتال عليهم ويحضر كرسيا ليدخل وهو ليس من ذوي الاحتياجات الخاصة على اعتبار أنهم لا يسمحون بدخولهم إلا بعد الاطلاع على البطاقات التي يحملونها والصادرة من الشؤون الصحية، ولا يوجد تسيب في هذا الجانب، واعتبر مصافحة اللاعبين لذوي الاحتياجات الخاصة أمرا يخص الأندية واللاعبين أنفسهم ودورهم حماية المتواجدين في الملعب في ظل عدم وجود ما يمنع نظاميا من التقاط الصور مع اللاعبين، ووجه رسالة لذوي الاحتياجات الخاصة بمتابعة التعليمات ومعرفة حقوقهم.