كم هي مريرة الحياة عندما تتبدل أحوالها وتنقلب، وما أصعب العيش على امرأة تحولت من كونها مدللة، كل ما تشتهيه تجده أمامها إلى مطلقة تعيسة تعيش في بيت متهالك من الطين، (فاطمة. ع) مواطنة دخلت خريف العمر رغم أن عمرها لا يتجاوز ال38 عاما تعيش مع أبنائها الخمسة في منزل آيل للسقوط، تبرز به الشقوق والتصدعات من كل جانب. غدر “شمس” عرفت بحكايتها الحزينة وانتقلت إلى منزلها الذي يرفض الانقضاض عليها وأطفالها رغم تصدعاته وشروخه العريضة، وتقول فاطمة والألم والخوف يرافقان نبرات صوتها الجريح: “أنا امرأة تربيت على الأخلاق والدين، تزوجت وكنت في غاية السعادة.. أذكر تلك اللحظات السعيدة، وأنا أرتدي فستان الفرح وأبي وأشقائي والجيران حولي يتراقصون فرحا وطربا بزفافي”.. تتنهد وبنفس عميق: “لكنها الدنيا سرقت فرحتي في لحظة غادرة.. فطُلّقت وتم الانفصال عن الزوج والأولاد، وتوفي بعد ذلك والدي الذي كان البسلم الذي يداوي جراحي، رحل عني وتركني وحيدة أحارب المصاعب بسيف من خشب، فبعد فقدان الأب انشغل الأشقاء بزوجاتهم وأولادهم عن أختهم المطلقة”. تشرد وتحكي فاطمة قصتها وتقول: “شعرت بقسوة الحياة بعدما تخلى عني إخوتي، ذهبت إلى ابن عمي للإقامة في “ملحق”.. بعد أشهر قليلة شعرت بأني ضيفة ثقيلة، توجهت إلى بيت والدي القديم لعل رائحة الأحباب تخفف عني بعض هموم الحياة، حاولت تأهيل المنزل للسكن الآدمي، وجدته ملاذا للقطط والمتشردين والمدمنين.. عشر سنوات وكل يوم أموت مئات المرات، خاصة في السنوات الخمس الأولى، كان أولادي مع والدهم في منزله خوفا عليهم من المنزل القديم لصغر أعمارهم وبقيت وحيدة بالمنزل أتجرع ألم الوحدة وفراق الأولاد”. معاناة على منزل فاطمة تشرق الشمس بحرارتها القاتلة ولا تغادره تلك حتى بعد مغادرة الشمس، لتبدأ بعد ذلك قصة أخرى تتمثل في قدرة التكيف على النوم في الوقت الذي لا توجد فيه أجهزة كهربائية تعمل على تبريد المكان، تقول فاطمة: “في الصيف أبلل المفارش بالماء وأنام، لكن في الشتاء أعاني كثيرا وأدعو الله أن يلطف بي خصوصا عندما تهطل الأمطار خوفا من أن يهوي المنزل على من فيه”. انتظار وتواصل فاطمة سرد قصتها: “لم أذق يوما طعم النوم والراحة، فالمنزل بلا سقف والأبواب الداخلية المؤدية إلى السطح متهالكة.. في الليل أجلس في زاوية الصالة أنظر إلى السماء.. أنتظر متى يدخل اللص”، وذات مرة فوجئت فاطمة بصوت غريب في الليل، وخرجت ووجدت مختلا نفسيا نائما في الصالة، وصرخت هاربة خارج المنزل، وعادت في وقت آخر مع أبنائها بعد تعاطف المجنون معها وتركه المنزل. إنقاذ ومن حكايات فاطمة أنها خرجت ذات مرة من المنزل متجهة إلى “البقالة” وأثناء شرود ذهنها في هموم الحياة شعرت بضربة قوية على رأسها من شخص مجهول، أغمي عليها وسقطت على الأرض، وبفضل الله كان أهل الخير من العمالة الباكستانية متواجدين في الوقت المناسب وحضرت الشرطة وقبضت على المجرم، وذهبت للمستشفى لتضميد جراحها. مساعدات وعن إمكان توجهها إلى بعض الجمعيات الخيرية لمساعدتها تقول: “اتصلت بالجمعية الخيرية وأحضرت مدفأة وبرادة لكنهما لا تعملان بسبب عدم وجود كهرباء 220 في المنزل، وتقدمت بطلب على المشروع الخيري لإسكان الأمير سلمان بن عبدالعزيز الخيرية منذ 2005 إلى الآن لم يأت شيء حول المعاملة وأنتظر الفرج، فقد تعودت منذ الصغر ألا أحتاج إلى غير الله”.