أكد مراقبون ومختصون في الشأن الاقتصادي المحلي، أن إطلاق مشروع قرية رجال ألمع التراثية (جنوب السعودية)، يؤسس للمشاريع السياحية الاقتصادية في مجال التراث العمراني، مؤكدين ما سيحققه المشروع الذي أطلقه الأمير فيصل بن خالد أمير عسير والأمير سلطان بن سلمان رئيس هيئة السياحة والآثار الأسبوع الماضي من عوائد اقتصادية على المجتمع المحلي من خلال ما سيوفره من فرص عمل وما سيحققه من عوائد مالية من بيع المنتجات اليدوية والتراثية في المنطقة. وأشار مختصون إلى أن قطاع السياحة سيكون من أبرز القطاعات الاقتصادية وأكثرها تنمية وإفادة للمجتمع متى ما تم احتضانه من الدولة ودعمه من المستثمرين، فيما عبر مجموعة من المسؤولين عن ابتهاجهم بإطلاق القرية التراثية، مؤكدين أنها ستتيح فرصا استثمارية كبيرة لأهالي المحافظة. فرص للعمل وأوضح يوسف العلي، مختص اقتصادي، أن الجهود المبذولة من قبل الهيئة العامة للسياحة والآثار والمتمثلة في تطوير القرى التراثية والأثرية في المناطق، والتي كان آخرها تطوير قرية رجال ألمع ستنعكس إيجابا على تحسين الوضع الاقتصادي في هذه المناطق في المستقبل، من خلال تحسين الوضع المعيشي لكثير من الأسر قاطني هذه المناطق، والذين سيتجهون صوب العمل في القطاعات الكثيرة والمتنوعة التي يوفرها قطاع السياحة. وأشار إلى أن السعودية تزخر بمواقع أثرية وتراثية، والعمل التي تقوم به الهيئة في اكتشاف ودعم هذه المواقع الأثرية سيكون له آثار اقتصادية هائلة، في الوقت الذي يعد فيه قطاع السياحة أحد القطاعات الاقتصادية المهمة في نمو الموارد المحلية وتحسين المستوى المعيشي لدى الأفراد والأسر، لافتا في الوقت ذاته إلى أن توزيع الحراك السياحي على كافة مناطق السعودية وعدم اقتصاره على منطقة دون أخرى سيعمل على تدعيم الحركة السياحية في كافة المناطق. إعادة تأهيل وقال المهندس صالح قدح استشاري مشروع تطوير وتأهيل القرية في وقت سابق، إن هذا المشروع يخص الهيئة العامة للسياحة والآثار بمشاركة أهالي القرية، وقد ساهم تجاوب الهيئة في أن تكون قرية رجال ألمع، هي القرية التراثية الأولى على مستوى السعودية، لما تحويه من العناصر التراثية، وبما تمتع به من مجتمع متميز. ويشمل المشروع، تأهيل القرية، وإعادتها إلى ما كانت عليه، مع الحفاظ على العادات والتقاليد، والثقافة والتراث، وإعادة مبانيها، وممراتها، كالنسيج العمراني، الذي يشمل الحصون، والأسواق والكتاتيب، والمزارع، وغيرها. وأبان أنه تم ترميم المباني القديمة، ليستفيد منها الأهالي كمتاحف، أو نزل فندقية، أو مطاعم، أو معارض وأسواق شعبية. كما تم إعداد نزل فندقي في الجهة الغربية من القرية، يتكون من 36 وحدة سكنية، مع 40 محلا تجاريا، ومعهد للتدريب لإعادة التراث، ومركز للزوار يتكون من خمسة أدوار، يشمل على مسرح مغطى، يستوعب أكثر من 300 مقعد، مع قاعة مغلقة، تستخدم فيها أحدث التقنيات العالمية. سياحة عالمية وأوضح محمد بن سعود المتحمي محافظ رجال ألمع أن توجيه ومتابعة أمير المنطقة واهتمام الهيئة العامة للسياحة والآثار في المنطقة بالقرية جعلها مزارا للسياح في جميع فصول السنة، وقال إن ذلك يجعلهم في غاية السرور والغبطة لتدشين هذا البرنامج خاصة أن المحافظة تتميز بالطبيعة المبهرة والآثار القديمة، إضافة إلى موروثها الشعبي وثقافة أبنائها واهتمامهم بالمناشط السياحية، ولما تميز به مهرجانا العسل الألمعي الثاني وساحل الحريضة البحري. وأكد حسين رجب رئيس بلدية رجال ألمع أهمية مشروع تطوير القرية التراثية التي ستصبح أحد أهم المعالم السياحية والتراثية في المنطقة، وقال: «تشهد محافظة رجال ألمع التي تمتد من البحر غربا وحتى جبال سودة عسير شرقا، ومن محافظة محايل عسير شمالا وحتى محافظة درب بني شعبة بمنطقة جازان جنوبا، وبمساحة تقدر ب 200 كيلو متر مربع، قفزة تنموية هائلة جعلت منها واجهة سياحية أصبحت مقصدا لجميع سياح السعودية والعالم». وأضاف: «تأتي مشاركة أمانة منطقة عسير ممثلة في بلدية محافظة رجال ألمع للهيئة العامة للسياحة والآثار في تنفيذ مشروع تطوير وتأهيل قرية «رجال» التراثية دليلا واضحا على الاهتمام الكبير الذي يوليه الأمير فيصل بن خالد أمير منطقة عسير رئيس مجلس التنمية السياحية، والأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبدالعزيز وزير الشؤون البلدية والقروية، بهذه المحافظة ومشاريعها التنموية والسياحية، كما أن حرصهما إلى جانب الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار على انطلاقة هذا المشروع التنموي المهم والذي يعد نقلة كبيرة للسياحة في المحافظة سيؤتي ثماره التي ينشدها الجميع في سبيل التطوير والرقي بالسياحة». مصدر خير وأشار إبراهيم مسفر الألمعي مدير مهرجان القرية إلى أن تعاون أهالي القرية للحفاظ على تراثها العمراني وموروثها الشعبي وثقافة أبناء المحافظة والاهتمام المباشر من الهيئة العامة للسياحة والآثار، جعلها واجهة سياحية على الخريطة السياحية للسعودية منذ ربع قرن تقريبا. فيما قال فايع البناوي، من أهالي المحافظة إن مشروع تطوير القرية التراثية سيكون اقتصاديا متكاملا وليس فقط تراثيا؛ حيث إنه من المؤمل أن يكون مصدر خير لسكان المحافظة من خلال العمل في القرية في مختلف الوظائف ومنها الإرشاد السياحي والعمل في المتاحف والنزل وبيع المنتجات السياحية والنقل وغيرها من المهن التي ستوفر للأهالي دخلا ماليا جيدا يحد من هجرتهم للمدن الرئيسية، إضافة إلى ما سيقدمه المشروع من خدمة في حفظ هذا الشاهد التاريخي وحفظ الموروثات الشعبية للمحافظة. عناصر تطويرية ويعد مشروع قرية رجال ألمع التراثية أحد مشاريع برنامج تنمية القرى والبلدات التراثية الذي تتبناه الهيئة العامة للسياحة والآثار بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية وفي مقدمتها وزارة الشؤون البلدية والقروية، ويشمل في مرحلته الأولى إضافة إلى قرية رجال ألمع، خمس قرى في عدد المناطق السعودية هي قرى المذنب بالقصيم، جبة بحائل، العلا بمنطقة المدينةالمنورة، الغاط بمنطقة الرياض، وذي عين بمنطقة الباحة. وتعتبر قرية رجال ألمع من أبرز مواقع التراث العمراني في السعودية، وسبق أن فازت بجائزة الأمير سلطان بن سلمان للتراث العمراني عام 1427ه، حيث منحت جائزة الحفاظ على التراث العمراني لتجربة أهالي قرية رجال ألمع.