الحدث والقصة الواقعية التي تحمل العبرة لها تأثير كبير وسريع في النفس. انظر إلى الكتب السماوية والقرآن الكريم آخرها تجد أنه يعتمد القصة أسلوبا وطريقة لتقويم النفس البشرية. بعض الأنفس يعميها الطمع والجشع والحرص على المكاسب السريعة عن النظر للأمام وفي الأفق. حدثني أحد الأصدقاء عن شقيقه الذي يعمل في أمانات إحدى المدن السعودية والذي يعمل على بند الأجور، رغم أنه يحمل البكالوريوس، ولكن لأن تخصصه (تاريخ) صعب عليه الحصول على وظيفة تلائم تخصصه نظرا لعدم حاجة السوق حاليا لمثل هذا التخصص. بواقعية ومثابرة واصل هذا المواطن عمله في تلك الوظيفة على قلة راتبها ولكن شيء أحسن من عدمه وعمل شريف أكرم له من التراخي والكسل أو انتظار ما عند الغير. ثم أنه حدث أن توفرت وظيفة رسمية في الإدارة التي يعمل بها وكانت على المرتبة الرابعة، فتقدم لها مباشرة نظرا لمؤهله الجامعي والذي يجعله أحق من غيره. فحدث أن تقدم للوظيفة تلك أيضا زميله والذي يحمل الثانوية العامة ولكن بسنوات خبرة أكثر مطالبا بأنه هو أحق بها من صاحبه. وفعلا تم ترسيم الثاني على تلك الوظيفة الرسمية رغم مؤهله الثانوي وحرم منها الأول صاحب المؤهل الجامعي، علما بأنهما زميلان في نفس الإدارة. ومرت الشهور، وصدر أمر ملكي كريم بترسيم أصحاب بند الأجور في الدوائر الحكومية، فشمل هذا ذلك المواطن المثابر الصابر، وتم ترسيمه على المرتبة السابعة! بينما ظل زميله ذاك على الرابعة التي قاتل ليحصل عليها. قصة أخرى لحارس مدرسة، والذي كان يسكن مع زوجته في غرفة الحراسة الوحيدة الملاصقة للمدرسة. فحدث أن شب حريق في تلك الغرفة نتيجة استخدامه لموقد الطهو. فقام المدير المسؤول بفصله وعليه خرج مع زوجته وترك غرفة الحراسة محروما من مصدر رزقه. فكان أن قام ببيع بيته في مغامرة تستحق الإقدام عليها بعد أن رأى أن العقار يشهد طفرة مهولة منتصف السبعينيات في الرياض. ثم قام بشراء عقار آخر وبيعه، وهكذا حتى أصبح من أصحاب العقار الكبار في الرياض! فانظر إلى الأقدار من صاحب الأقدار وموزع الأرزاق في السماء. ولا تجزع لما فاتك إذا بذلت الجهد. واعلم أن الرزق مقسوم. وهذا بالطبع ليس دعوة للتراخي أو الاتكال. لكن اعمل ولا تستعجل أو تطمع ويغلب عليك الجشع. ولو جريت جري الوحوش غير رزقك ماتحوش.