يتصرف الكثير من الآباء تجاه أبنائهم تصرف المسؤول الحريص على مصلحة من يعول.. ومع حرصهم واهتمامهم الذي يشكرون عليه، إلا أن بعض تصرفاتهم الخيرة لا يستحسنها الأبناء ولا يتقبلونها؛ لأن فيها - من وجهة نظرهم - هضما لحقوقهم. وعندما يناقش الأبناء آباءهم ويطالبونهم ببعض الصلاحيات التي يرون أنهم أقدر على ممارستها وتحملا لمسؤوليتها، يجدون اعتراضات منهم، بل يرونه تطاولا عليهم. وهكذا يحدث السجال بين جيل يحاول التقيد بمفاهيم تربوية قام عليها وجيل جديد يريد أن يخرج - ولو قليلا - عنها، وتتبلور الأحكام حول تسلط الآباء وتفلت الأبناء. وقد تحدث بعض التجاوزات المرفوضة من الأبناء في التعبير عن رفضهم لهذا الواقع، وهو بالطبع أمر لا ينبغي أن يحدث، وهنا أقول لهم: لا تجعلوا هذا الموقف يدفعكم للتهور.. وتناسي مكانة الأب والتقدير والاحترام والتقدير الواجب إظهاره لهم مهما فعل (والأمر ينسحب على الأمهات أيضا)، وهو أمر حثت عليه تعاليم ديننا الحنيف. نعم قد يخطئ الآباء لكنهم حتما لا يتعمدون هذه الأخطاء، بل هم في صياغ تقديم كل ما يعتقدونه في مصلحة أبنائهم وهو ما يظهر خلال ما ينفقونه من جهد ومال في سبيل ذلك.. أفلا يستحقون أيها الأبناء التنازل عن بعض ما ترونه من حقوقكم إكراما لهم. وأنتم أيها الآباء تذكروا دائما أن أبناءكم يكبرون يوما بعد يوم، ويحتاجون منكم إلى الدعم والمساعدة إلى جانب منحهم بعض الحرية التي ستجعلهم يخوضون بعض الاختبارات بمفردهم حتى يقوى عودهم ويصبحوا قادرين على إدارة حياتهم باستقلالية تامة عندما يحين الوقت.