تعد الآثار شاهدا على الماضي الجميل، وإرثا حقيقيا وصل للأجيال الجديدة من سابقاتها، وهي تمثل الحضارة الإنسانية التي عاشوها، والمنطقة الشمالية في السعودية هي أرض غنية بذلك؛ لاحتوائها على الكثير من الآثار التاريخية على مر العصور وفي كثير من المدن والقرى المترامية الأطراف. وتعد آثار درب زبيدة التي شيدتها زوجة الخليفة العباسي هارون الرشيد في العصر العباسي هي الأشهر؛ لأنها تمثل ممرا وطريقا تاريخيا للحجاج العابرين من العراق وتركيا مرورا بمنطقة الحدود الشمالية وصولا إلى الأماكن المقدسة، وتضم الكثير من البرك والآبار والاستراحات الخاصة بالحجاج وعابري الطريق، لكن الإهمال أصاب هذه الآثار؛ فجعلها عرضة للزوال، خصوصا أن غالبية تلك الآبار غير محاطة بأي سياج حديدي ومواقعها غير معروفة، ولا توجد عليها أي حراسات ولا لوحات إرشادية. لم يقتصر الإهمال في آثار الشمالية على الآبار والبرك فحسب، بل أصاب بيوت الطين التاريخية، ومدينة لينة وقرية لوقة وأم رضمة شاهدة على ذلك، فهذه الآثار بحاجة إلى ترميم وحماية، ويجب أن تحفظ وتصان من العبث. وناشد المواطن عبدالله السميري هيئة السياحة والآثار بالتدخل عاجلا والعمل على إعادة الروح لهذه الآثار التي قد تندثر بفعل عوامل التعرية والإهمال الشديد الذي تعانيه، متمنيا أن يكون هناك تحرك سريع لحماية الآثار بشكل عام في المناطق الشمالية. ويضيف المواطن ظاهر الربع أن زيارة هذه المواقع الأثرية حلم لكل شخص، خصوصا من قرأ عنها في الكتب واستمع إلى القصص الجميلة التي تروى عنها، ويقول: “أستغرب الإهمال الذي ينتاب هذه الآثار، وأنا شخصيا وقفت عليها وشعرت بالكثير من الحزن، فهذه المواقع الجميلة لا يهتم بها”. ويضيف: “زرت القصور الأثرية الموجودة بقرية أم رضمة وأرى أنها تحتاج للصيانة والترميم، وكذلك الحال بالنسبة للآبار الموجودة فيها”. مشيرا إلى أن أكثر ما يزعجه هو عدم وجود أي لافتات تدل الزوار على المواقع الأثرية، والمزعج أكثر هو أنها غير مرتفعة عن مستوى السطح، مما يجعل أي كائن يمر بجوارها مهددا بالسقوط فيها، ولذا فإن التسوير بات مطلبا ضروريا حفاظا عليها وعلى سلامة زائريها”. أما المواطن أحمد الحازمي فذكر أنه زار محافظة رفحاء لرؤية آثار درب زبيدة، لكنه استغرب من وجود جثث بعض الحيوانات بالقرب منها، وقال: “أستغرب عدم وجود أي سياج حديدي بالقرب من هذه الآبار التي تمثل إرثا حقيقيا لنا، والأمر نفسه يتكرر مع قرية لوقة التي تضم الكثير من البيوت الأثرية الطينية وتحولت إلى مأوى للحيوانات الضالة نتيجة الإهمال”. وطالب الحازمي بضرورة ترميم هذه الآثار؛ لأنها حضارة لمنطقة الحدود الشمالية وعلى المسؤولين رعاية هذه الآثار والاهتمام بها، وهيئة السياحة معنية بشكل أكبر في ذلك.