لا شيء يوقف البيع في شوارع جدة، فالكل يسترزق على طريقته الخاصة، بيع (على الماشي) وآخر على الرصيف، وثالث خلال بسطات عشوائية، وآخرون من دون عنوان، نساء إفريقيات غير خاضعات لرقابة يتخذن من أرصفة المدارس نقاط بيع غير نظامية، يصطدن براءة الصغيرات اللاهثات للحصول على وجبة عابرة من أي نوع، وآخرون يتجولون بعربات متهالكة يبيعون الفاكهة والخضار بأثمان رخيصة على محدودي الدخل، وعلى من يبحث عن أغراضه بسعر خاص. بضاعتهم مجهولة المصدر، والبيع بأي قيمة، ليس لهم زبائن معينون، فهم في كل شارع يهيمون بعرباتهم لاصطياد الباحثين عن الرخص، ولا يجعلون الزبون يفر من أيديهم قبل أن ينالوا من جيبه حفنة من الريالات، وإن كانت قليلة فلا عائق للبيع بالتفاهم. شوارع جدة تحولت إلى بيع عشوائي وغير نظامي وتسويق غارق في المخالفات، والكل يستطيع أن يبيع ويسوق وينتج ويساوم ويتجول ويعمل ما أراد تحت مظلة: رزق بالمجان وبيع بلا عنوان. “شمس” رصدت الموضوع ميدانيا، حيث تهافتت مجموعة من طالبات المرحلة الابتدائية على بسطات تديرها نساء إفريقيات بجوار مدرستهن ليشترين منهن العلك والبسكويت والبطاطس والحلويات بأسعار زهيدة، وبطريقة موغلة في المخالفة الصريحة للبيع، فلا شيء يمنعهن ولا رقيب يوقف نشاطهن غير النظامي. إحداهن أكدت أنها تسترزق من خلال البسطة، وعن المراقبة والمتابعة لفتت إلى أنها تبيع أغراضا تشتريها من السوق وتستفيد من الشراء بربح قليل جدا. في حين أكد محمد (عامل مجاور للمكان) أن هؤلاء النسوة يبعن أغراضا قد تكون منتهية الصلاحية، أو أنها غير صالحة لأنها تتعرض لأشعة الشمس لوقت طويل، ما يؤثر على صلاحيتها. وفي مشهد آخر يؤكد سالم علي (يمني) أنه يشتري الفاكهة والخضار يوميا من الحلقة، ويتجول بها في الشوارع لأن هنالك من يطلب تلك البضاعة الرخيصة، مشيرا إلى أنهم لا يتركون الزبون يذهب قبل أن يشتري؛ لأنهم يخفضون له السعر إلى أقل معدلاته، وهم بالتالي يحاولون إرضاءه بالتفاهم. في حين أكد حمود المطرفي (أحد سكان حي الصفا) أن هؤلاء الباعة أصبحوا يضايقونهم بشكل واضح، فهم يطاردون الزبائن ويصرون على شراء بضاعتهم، مؤكدا أنها غير جيدة، فالذي يريد الحصول على بضاعة صالحة للاستهلاك عليه أن يشتريها من مصادرها، أما بضاعة تتنقل في الشوارع معرضة للأتربة والغبار والذباب والبعوض، فالإنسان غني عنها.