أربك الكاتب عبده خال حضور الأمسية التي أقامها النادي الأدبي بجدة تحت عنوان (المثقف والسلطة)، حين شرع في الحديث عن تصوف الحلاج، وهو موضوع لا تجمعه بعنوان المحاضرة أي علاقة ظاهرية لولا أن خال نفسه أجلى عن الحاضرين هذا الالتباس بقوله: “اخترتُ شخصية الحلاج بسبب إلغائه للمسلّمات في علاقته الصدامية الفريدة مع السلطة”. لكن بعض الحاضرين أصروا في مداخلاتهم على إثارة هذه الإشكالية التي خلفتها الفجوة بين العنوان والموضوع، الذين لم يقنعهم هذا الاستدعاء السطحي للتاريخ الذي لا يتصل بصُلب قضايا المشهد الثقافي السعودي، فغدت أسئلتهم منصبة على استيضاح هذا التباين، فانبرى الدكتور حسن النعمي إلى تبرير المسألة بقوله: “جدلية المثقف والسلطة هو العنوان العام وتأتي من تحته عدة جلسات وهو ما درجنا عليه في كل عام، فهناك عنوان عام وعناوين فرعية تندرج في الإطار نفسه”. وأوضح خال في بداية محاضرته أن هذا الموضوع لم يكن من اختياره، بل كلّفه به أعضاء جماعة الحوار في النادي، لكنه سعيد بهذا التكليف الذي جعله يعلن في ثنايا المحاضرة: “يمكنكم اعتباري صوفيا منذ الآن”!، مؤكدا أن الصوفية مذهب يمارس على نطاق واسع دون أن يعيه الناس: “معظمنا يمارسه دون أن يعرف، ومن الصعب الوصول إلى حكم صائب في المسألة، فكتابة التاريخ ليست ناصعة البياض، حيث لم يعتمد من أصل 80 مذهبا سوى ثمانية فقط، وسلك كل مذهب طريقه بين العامة، ساعيا لإثبات صوابية حجته”. وبعد دراسة مستفيضة أجراها لحياة الحلاج ونشاطه الديني والشعري والسياسي، ألمح خال إلى عمق هذه السيرة وتشعبها على عكس ما كان يتوقع: “كنت فعلا أنوي كتابة عشر صفحات، لكنني وجدت نفسي أبحث في 200 صفحة، وقد شدني الموضوع، واكتشفت فيه عوالم تاريخية ودينية واجتماعية ثرية جدا”. كما نفى خال ما ورد في سؤال ل “شمس” حول سعي الحلاج إلى السلطة وتكريس آرائه للوصول إليها، معتبرا أن الحلاج كان فوق ذلك بكثير، مشيرا إلى أن حادثة قتله كانت عملا شنيعا وغير مبرر مطلقا. وفي ختام الأمسية، أكد الدكتور النعمي أن محاضرة حسن فرحان المالكي التي كانت مقررة ضمن البرنامج نفسه، ستقام في موعدها نافيا ما تردد حول إلغائها، موضحا أن تأجيلها يعود إلى ظروف المالكي نفسه.