تضاربت البيانات الاقتصادية الصادرة عن البنك الدولي والأممالمتحدة الخميس الماضي في تقدير نسبة النمو العالمي خلال عام 2010 ففي حين ذهبت تقديرات البنك الدولي إلى تقدير نسبة النمو بمقدار 5.2 في المئة هذا العام، قالت تقارير الأممالمتحدة إن الاقتصاد العالمي سيحقق نموا معتدلا بمقدار 2.4 في المئة وحذرت الأممالمتحدة من وقف الاجراءات العلاجية التي اتخذتها الدول لمعالجة آثار الأزمة المالية العالمية محذرة من أنه قد يحدث انكماش مضاعف نتيجة وقف هذه المعالجات. وذهب تقرير البنك الدولي إلى أن هذا النمو يعد إيجابيا للغاية مقارنة بالمتوسط العالمي 2.2 في المئة، وبالذات في الدول النامية، لكنها ستواجه تكاليف مالية أكبر في مرحلة ما بعد الأزمة ما لم تتمكن من تعزيز أسواقها المالية. وتنبأ البنك الدولي في تقرير “الآفاق الاقتصادية العالمية” لعام 2010 بأن تكون الدول النامية وبخاصة في شرقي آسيا، الرائدة بين بلدان العالم في التعافي الاقتصادي خلال الفترة 2010، 2011 رغم أن التعافي سيكون هشا ورغم ما ستخلفه أزمة 2009 من تداعيات طويلة المدى. وقال هانز تيمر كبير مدير فريق التوجهات العالمية في مجموعة آفاق التنمية التابعة للبنك الدولي خلال إطلاق التقرير في بانكوك: “هذه هي الأزمة التي ستغير العالم للأبد”. وأضاف تيمر أن التغيرات الهيكلية ستكون واضحة بشكل خاص في الأسواق المالية العالمية. وأشار البنك الدولي إلى أن حجم القروض الجماعية (التي تقدمها مجموعة من البنوك) للمقترضين في القطاع الخاص في الدول النامية تراجع من 236 مليار دولار خلال 2008 إلى 123 مليار دولار العام الماضي. ويرى البنك أن الشروط الأكثر صرامة التي تحكم التمويل الدولي من شأنها أن تخفض هامش معدلات النمو بنسبة 0.2 إلى 0.7 في المئة في الدول النامية خلال السنوات المقبلة مقارنة بما كانت ستصبح عليه معدلات النمو إذا ظلت عمليات التمويل بنفس الغزارة وانخفاض أسعار الفائدة التي كانت عليها خلال فترة الازدهار بين عامي 2002 و 2006. ويبدو مستقبل دول العالم الأكثر فقرا أكثر قتامة، حيث يتنبأ البنك الدولي بأن تكون تلك الدول بحاجة إلى مساعدات إضافية بقيمة 35 مليار دولار إلى 50 مليار دولار هذا العام وهو مبلغ سيكون من الصعب جمعه في ضوء الأزمات المالية التي تواجهها الدول المانحة. بينما ستتمكن الدول النامية خاصة في شرق آسيا من تعزيز اقتصاداتها المحلية بفضل الحزم التحفيزية التي قدمتها العام الماضي. وحذر تيمر من أن تلك الإجراءات ستقتصر فائدتها على المدى القصير. وحث الخبير الاقتصادي الحكومات على الاستثمار في البنية التحتية وسبل تعزيز الإنتاجية الأخرى مع تسهيل منح السيولة المالية لاستثمارات القطاع الخاص. وأشاد البنك الدولي بالصين لانتهاجها المسار الصحيح بين التمويل التحفيزي وتعزيز الإنتاج. وقال: “ربما لا تزال معدلات الاستهلاك الصيني ضئيلة لكن إسهامها في النمو العالمي أكبر بكثير.. ذلك أن معدل نموهم أسرع بكثير من معدلات النمو في العالم المتقدم ومن ثم فإن إسهامهم يفوق إسهام أمريكا بكثير”.