الشيخ حمد رزين، قاضي المحكمة العامة بجدة يقول إنه لا تخفى حرمة شهادة الزور، وإنها من الكبائر لقوله تعالى: “فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ”، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : “ألا أنبئكم بأكبر الكبائر (ثلاثا) ؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين وجلس وكان متكئا فقال: ألا وقول الزور”، بل إن رسول الله “صلى الله عليه وسلم” حذّر من الزور وقوله والعمل به، حتى قال: “من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه”. ويضيف: “جاء تحريم شهادة الزور وجعلها من أكبر الكبائر نظرا لما لها من أضرار ومخاطر، ولأن فيها ضياع أموال وحقوق الناس وظلمهم وطمس معالم العدل، وشهادة الزور نوع خطير من الكذب، وسيئ الأثر، يتوصل بها إلى الباطل من إتلاف نفس أو أخذ مال بالباطل، ولقد بلغت الاستهانة وقلة التقوى بالبعض أن يقف بأبواب المحاكم مستعدا لشهادة الزور مستغلها للحصول على مال”. ويستطرد: “حقيقة المحاكم تعاني من هؤلاء الذين يبيعون أنفسهم وذممهم عند أبوابها، ونحن كقضاة عندما نكتشفهم نحرر مباشرة محضرا بالواقعة، ونحيلهم للمدعي العام لتأديبهم على ما ارتكبوه من شهادة زور، كما أن العقاب لا يقتصر على من شهد زورا، بل حتى على الشخص الذي استخدم هذه الشهادة، حيث يدمجان في المحضر ويحالان الى الادعاء العام”. وفيما يتعلق بحالات من شهادات زور وقف عليها كقاض، يقول: “بالتأكيد حدثت معنا عدة مرات، حيث قبضنا على هؤلاء أمام أبواب المحاكم، وأحيانا أخرى عندما يصلون إلى القاضي ليشهدوا الشهادة فيتلعثمون في الإجابات وتتضارب شهاداتهم، ويكتشف القاضي من ارتباكهم أنهم ملقنون لهذه الشهادة ولا يعرفون حقيقة ما يشهدون به ولا ينطقون الصدق”، مشيرا إلى أنهم كقضاة يكتشفونهم بمجرد أسئلة يوجهها القاضي مباشرة لصاحب الشهادة فتجد الإجابات ركيكة ليتضح للقاضي أن هؤلاء مجرد شهود مأجورين وملقنين للشهادة. ويوجه رزين رسالته الأولى للشخص الذي يبيع ذمته من أجل المال بشهادة زور أن يتقي الله سبحانه تعالى ويعلم أن الكسب الحرام لا يغني شيئا، وأن المال المكتسب بطريقه محرمة سرعان ما يذهب هباء، وقد يعود وبالا عليه، ويرى عقوبته في نفسه وماله وفي أبنائه لذا عليه بتقوى الله سبحانه وتعالى. أما الرسالة الثانية فللشخص الذي يستخدم شهادة الزور للحصول على مكتسبات بطرق غير مشروعة، إذ عليه أن يعلم أن شهادة الزور مبنية على الكذب، وكما يقال: “حبل الكذب قصير”، وغالبا شهادات الزور إنما هي وقتية تنتهي بمجرد تمحيص بسيط أو دخول الحكم حيز التنفيذ. والرسالة الثالثة إلى القضاة إذ يستلزم التدقيق في شهادة الشهود وتفريق الشهود، كما نص نظام المرافعات عندما يتفرق الشهود إذا رأى القاضي ذلك، ويوجه القاضي لهم أسئلة لا تخطر ببالهم وسيكتشف القاضي حقيقة الشهادة من ردود وإجابات الشهود إذ يعرف منها ما إذا كان الشاهد على حق أو باطل.