دقت دراسة أعلنها أخيرا الدكتور عبدالله الفوزان أستاذ علم الاجتماع في جامعة الملك سعود عبر قناة العربية ناقوس الخطر، عندما أكدت في مضمونها أن الأطفال السعوديين هم أكثر أطفال العالم تعرضا للتشوه الثقافي، وذلك لعدة أسباب تتحملها أطراف كثيرة منها لجوؤهم للتعامل مع التقنية والعالم الافتراضي الذي يعيشونه عبر شبكة (الإنترنت)، وأن الأسرة والفضائيات تحمل جزءا كبيرا من المسألة وأن لها الأثر الكبير في نموهم العقلي وإدراكهم. ولأن الفضائيات أحد العوامل المهمة في الدراسة خاصة أن عددا كبيرا من الأطفال لا يقرؤون حالهم (كسائر المجتمع)، وإنما يشاهدون ويتأثرون، حاولنا إسقاط الضوء على هذا الجانب وطرح عدد من التساؤلات التي تدور في أذهان المهتمين بهذا الجانب.. فكم الميزانيات التي خصصتها مؤسسات الإنتاج في أعمال تقدم للطفل الذي هو بمنزلة البذرة الرئيسية في أي مجتمع، وهل تتوافق الأعمال مع نمو قدراته وتحاكي تفكيره؟! وكم عدد النصوص التي جهزها الكتاب من أجل طرح قضايا الطفولة ومشكلاتهم؟ عن دور الدراما التي تدير ظهرها للطفل وقضاياه، وتكرر نفسها في مواضيع أخرى وجهنا تساؤلاتنا لعدد من المهتمين في الوسط الفني.. في البداية تحدث الكاتب والمنتج سعد المدهش عن خطورة الأمر وقال: “إذا تخلت القنوات الخاصة عن الاهتمام بالطفل، فمن المفترض أن يكون القطاع الحكومي ممثلا في وزارة الثقافة والإعلام ووزارة التربية حاضرا بقوة”، وتابع: “الدراسة خطيرة جدا، والمشكلة التي نشاهدها أن كثيرا من أطفالنا لا يجدون أنفسهم على الشاشة، فيضطرون إلى متابعة مسلسلات الكبار التي تعرض على الفضائيات، فهم يعيشون حالة انفصام ويبدؤون في متابعة قصص وقضايا لا تخصهم ولا تمثلهم، وفي أحيان خادشة لطفولتهم”، وعن دوره كمنتج وكاتب قال: “المسألة لا يتحملها شخص أو اثنان، لأن الأمر يحتاج إلى تضافر جهود جماعية، ومؤسسات الإنتاج قد يصل نسبة إنتاجها من برامج الأطفال في السنتين الأخيرتين إلى صفر أو أرقام لا تذكر”، وذكر المدهش في ختام حديثه أن لديه نصوصا قبل سنوات مكتوبة للأطفال، ويرفض عملها المنتجون، لأنها ليست مربحة في نظرهم، وأضاف: “لدينا فرقة المدهش للأطفال ستنطلق قريبا، لتقدم برامجها بالتعاون مع إحدى القنوات”. الفنان فهد الحيان الذي قدم عددا من الأعمال للأطفال عبر شخصية (هزار) وتوقف بعد ذلك قال في حديثه ل”شمس”: “النصوص الخاصة بالأطفال موجودة ، لكن القنوات لا تريد تنفيذها، وآخر شيء تفكر فيه هم الأطفال، ويبحثون عن الربحية فقط، لغياب هاجس الرسالة والمسؤولية عن كثير من المنتجين والقنوات الفضائية”، وأضاف: “عندما يعمل الفنان ويحاول أن يقدم شيئا للطفولة، فإنه يقدم مجهودا فرديا، ونحن بلد فيه عدد الأطفال كبير، ويحتاج إلى مجهود جماعي، ومثل هذه الدراسات والعنف الذي يمارس ضد الطفولة بحاجة إلى وقفة جادة وحازمة من كافة القطاعات، والإعلام النزيه من يحمل ذات التوجهات”، وتابع بحرقة: “من زمان ونحن نصرخ اهتموا بأبنائنا لأن كثيرا مما يعرض على الشاشة يحرضهم على الجريمة ويخدش تربيتهم، لكن لا مجيب”.