لا يزال استغلال الأطفال في الأعمال الشاقة قائما مع عدم وجود جمعية تهتم بالطفل وتراقب شؤونه وتحدد أولويات حقوقه التي يجب أن تحفظها السلطات. ففي ظل غياب تام للجهات المسؤولة كوزارة الشؤون الاجتماعية، لا تزال الشوارع في معظم مناطق البلاد تستقطب مزيدا من الأطفال المشردين ليجري استغلالهم إما بعمليات التسول أو نبش مكابّ النفايات أو السرقة أو غير ذلك من الأعمال. وفي الطائف، باتت مشاهدة الأطفال قرب حاويات القمامة أمرا شبه طبيعي، مع ظهور عصابات منظمة لاستهداف الأطفال تقوم بنثرهم يوميا على مواقع معينة لتعود وتجمعهم في المساء. ويقول المواطن ف. ص: “فوجئت وأنا قادم لمنزلي من السوق عند أذان العصر بطفلين لم تتجاوز أعمارهما ثماني سنوات يتسابقان إلى حاوية النفايات القريبة، وإذا بهما يقذفان بأنفسهما بداخلها ويعبثان بكراتين النفايات وعلب المشروبات الغازية التي وضعوها خارج الحاوية ورموا بها على الأرض لتفتيشها وفرز العلب المعدنية؛ فاندهشت من ذلك المشهد المأساوي ورأفت بحالهما ووضعت في يدي جزءا من المال للتصدق عليهما، فدنوت منهما، وإذا بابني الصغير ينخرط معهما في وسط الحاوية دون علمي، فصعقت من هذا المنظر؛ يقلّب الأشياء ويعمل ما يعملونه! فزجرته وأخرجته وهو يقول: يا بابا أنا ألعب”، ويضيف: “إن هذه العصابات فضلا عن استغلالها للأطفال فهي تبني صورة عن المجتمع لدى الأطفال والغرباء وكأن هذا هو الوضع الطبيعي”. ويشير صالح العتيبي إلى أن هذا المنظر بات مألوفا له، خصوصا داخل الأحياء المكتظة بالسكان، ويقول: “دائما ما أشاهد أطفالا داخل حاوية النفايات لتجميع علب المشروبات الغازية حيث يقومون بفرزها ووضعها في أكياس كبيرة وينتظرون حتى تمر بهم سيارات (وانيتات) بها عمالة أجنبية يشترون منهم الأكياس المحملة بالعلب والقوارير المعدنية الفارغة”، ويقول العتيبي: إن هناك احتمالين لانتشار هذه العادة: فإما أن هؤلاء الأطفال يجري استغلالهم من قبل أولياء أمورهم للكسب المادي لكون الطفل تسهل عملية إقناعه للزج به في مثل هذه الأمور، أو أنهم ينصاعون بالإغراء المادي من عمالة تجوب الأحياء لشراء المعدنيات وتدل الصغار على كيفية تجميعها وأمكنة تكاثرها في حاويات النفايات”، ويضيف: “يوم الجمعة هو يومهم الأكبر، وبالتحديد وقت الصلاة؛ لكون عمال البلدية في إجازة فتمتلئ تلك الحاويات، الأمر الذي يجعلهم يطمئنون لربحية أكثر”. ويؤكد فهد فيصل أن هذه الظاهرة تستوجب وقفة جادة وصارمة من الجهات ذات العلاقة؛ لتدارك خطرها، حيث أصبحت تشكل لهم قلقا كبيرا، مضيفا أن التسوّل في الحاويات لا يجرؤ عليه إلا أطفال درّبوا على ذلك.