ما إن توالت على العالم الأزمات الاقتصادية الخانقة حتى تجددت دعوات عدد من المنظمات الغربية إلى المطالبة ب(تحديد النسل)؛ من أجل التغلب على عدد من الأخطار الاقتصادية والمشاكل التي تحيط بالبشرية على حد زعمهم ووجهت هذه النداءات صوب العالم الثالث والدول النامية على وجه التحديد، التي تعاني مشاكل الكثافة السكانية ومشاكل اجتماعية كثيرة من أهمها الأمية والفقر.. عن قضية (تحديد النسل) وإذا ما كانت الأسرة ستتضرر اقتصاديا من تبعات تكاثر الأبناء.. توجهنا بسؤالنا إلى عدد من المختصين الذين كانت لهم آراء في هذا الجانب. تزوجوا الولود في البداية أكد الشيخ خالد بن عبدالرحمن الشايع خطيب جامع مستشفى الأمل بالرياض والداعية الإسلامي المعروف في حديثه عن هذا الموضوع قائلا: “لا ريب أن من مقاصد النكاح العظيمة وجود الذرية والتناسل بين الزوجين، ولهذا امتنّ الله تعالى على عباده بهذه النعمة، وبيّن أنها آية عظيمة من آياته جلَّ وعلا فقال سبحانه: (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة)، وقال تعالى: (ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية)، كما أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم قد نبّه الأمة إلى أهمية كثرتها وتناسلها وحثَّها على ذلك”، وتابع: “وقد تأثر بعض أهل الإسلام اليوم بدعوات تقليل النسل أو تحديده، واغتروا بما يسمعونه من بعض التحليلات التي تُبنى على دراسات اقتصادية بحتة يشوبها كثير من فساد التصور”. وذكر الشايع أن الإسلام حث على التكاثر، مستشهدا بقصة الأعرابي الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “إني أصبتُ امرأة ذات حسب وجمال، وإنها لا تَلِد، أفأتزوجُها؟ قال: لا، ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة فقال: تزوجوا الودود الولود، فإني مُكَاثر بكم الأمم”. قال في حاشيته على النسائي: “إلا أنها لا تلد” كأنه علم ذلك بأنها لا تحيض، أو بأنها كانت عند زوج آخر فما ولدت؛ “الودود” أي كثيرة المحبة للزوج، كأن المراد بها البِكر أو يعرف ذلك بحال قرابتها، وكذا معرفة (الولود) أي كثيرة الولادة، يعرف ذلك في البكر واعتبار كونها ودودا، مع أن المطلوب كثرة الأولاد كما يدل عليه التعليل؛ لأن المحبة هي الوسيلة إلى ما يكون سببا للأولاد. أفكار أعداء الإسلام من جهته أوضح الشيخ أحمد السيف إمام وخطيب جامع الإمام أحمد بن حنبل بالرياض أن الدعوة لتحديد النسل هي من الأفكار التي غزتنا عن طريق أعداء الإسلام الذين يحتجون بأن كثرة النسل يثقل كاهل الأسرة، وأنه يسبب تزاحما سكانيا، ولا يستطيع رب الأسرة أن يوفر لهم المعيشة والرزق، وهذا يتنافى تماما مع قول الله تعالى: (وفي السماء رزقكم وما توعدون)، وقال: “الله سبحانه وتعالى هو الخالق الرازق، وهو الذي يقدر لعباده أرزاقهم قبل خلقهم، ويعلم غيب السموات والأرض. قال تعالى: (وكل شيء عنده بمقدار)، كما وردت آيات صريحة تنكر على أهل الجاهلية قتلهم أولادهم خشية الفقر وما إلى ذلك، يقول سبحانه وتعالى: (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم)”، وتابع: “المبررات التي يسوقها أعداء الإسلام ومن تبع نهجهم ليست صحيحة؛ لأنها تناقض ما ورد في الكتاب والسنة، وأنقل هنا كلاما حول تحديد النسل للشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية سابقا يقول فيه: (إن الله تعالى قد تكفل برزق عباده مصداقا لقوله تعالى: “وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها”)، وأضاف: (إننا ندين الله تعالى بهذا، وما قيل حول تحديد النسل يناقض هذا، ويخالفه ويتعارض مع مدلول الأحاديث المرغبة في التزوج بالودود الولود، ومع مباهاة الرسول صلى الله عليه وسلم بأمته الأمم يوم القيامة، فينبغي الوقوف عند أوامر الله ورسوله، والإيمان الكامل بأن رزق العباد على ربهم.. نسأل الله تعالى أن يعز دينه ويعلي كلمته وبالله التوفيق). إلى هنا انتهى كلام الشيخ رحمه الله ولذلك فإن أي دعوة لهذا التحديد تعتبر دعوة مشبوهة يبثها الأعداء بين المسلمين، ليتأثروا بها ومن هنا فإنه على المسلم ألا يتأثر بمثل هذه الشبهات ويكون مصدره الشريعة الإسلامية التي لم تترك شاردة ولا واردة إلا عالجتها”.