سوء استخدام التقنية يهدم قدراتها الإيجابية، وينحرف بأغراضها إلى ما يعزز كثيرا من السلبيات في الوسط الاجتماعي، وتوالت في السنوات الأخيرة المنجزات التقنية الخاصة بوسائل الاتصالات،غير أن سوء الاستخدام جعلها أدوات مخربة للقيم الاجتماعية والأخلاقية، فهي أصبحت بيد مراهقين لا يحسنون التعامل بها، في ظل عدم وجود قيود تحد من الاستخدام أو تجزئه في الحدود التي لا تجرفه عن مساره الإيجابي. وقد شاع أخيرا استخدام جهاز البلاك بيري” الذي يأتي على قمة هرم الفورة التقنية التي استخدمها الشباب للترقيم والمحادثات بين الجنسين، وأشعلت روح الغيرة بينهم، إذ أصبح من وجهة نظر الكثيرين أن من العيب امتلاك فلان من الناس ما لا يمتلكه غيره، ليدخل الكثيرون في دوامة التقنية وامتلاكها لما هو أكثر من استخدامها وما صنعت له. هدية خطبة تقول شذى الفيصل إنها اشترت ال”بلاك بيري” وهي تعتقد أن به من الخدمات والمزايا والتسهيلات الجديدة ما يختلف عن الأجهزة الأخرى، ولكنها وحسب تعبيرها “تحسفت”، وتضيف:” لا أذم الجهاز، ولكن على مستوى الصوت والرسائل والبطارية لا يختلف عن أجهزة أخرى، ولكن أعتقد أن سبب الضجة هو خدمة ال”بي بي” والتي لولا توافرها به لما وجد هذه السمعة والإقبال”، وعن تقييمها لمستوى الإقبال عليه، تقول: “هناك إقبال كبير من قبل الفتيات على هذا الجهاز، والمؤسف، أن بعضهن يستخدمنه لأهداف سيئة كالتعارف والدردشة مع شباب”. وتؤكد أن إقبال الفتيات عليه يعود إلى حب التقليد والغيرة فيما بينهن، وتقول: “الغريب أن هناك فتيات أعرف أن حالتهن المادية ليست جيدة، ولكن وجدتهن يحملن هذا الجهاز، ولا أخفي أنني استفسرت ممن تربطني بهن علاقة قوية، وهناك من ذكرت أنها اشترته بالتقسيط، ومن ذكرت أن الجهاز قدمه لها شخص هدية، والطريف أن إحدى زميلاتي فور خطبتها اشترطت الحصول على جهاز “بلاك بيري” كهدية خطوبة. جذب اهتمام الفتيات مرزوق بن سعد الدلبحي يعترف بأنه لم يشتر الجهاز إلا لجذب نظر الفتيات، ويقول: “بعدما رأيت زملائي وأصدقائي اشتروا هذا الجهاز رغم التكلفة العالية، إلا أنني شعرت بالإحراج بينهم أن أبقى على جهازي القديم مع هذا التقدم والتطور، فما كان مني إلا أن اتجهت للسوق واشتريته رغم أن تكلفته المادية أكبر بكثير من إمكانياته”، مشيرا إلى أن الجهاز، بحسب ما يذكر زملاؤه، يجذب اهتمام الفتيات، فهو وسيلة تعارف مفروشة بالورد. وعن تقنية الجهاز، يقول الدلبحي: “إلى الآن لم أتعمق فيه، ولكن حاليا لا أرى شيئا يتميز به عن الأجهزة الأخرى. ويضيف أنه من القصص الطريفة التي كلما يتذكر هذا الجهاز يتذكرها، أن زميله في العمل قال له إن والدته طلبت منه بعد أن حصل على وظيفة عسكرية أن يوفر لها جهاز “بلاك بيري” كي تتمكن من التواصل معه عبر الصور المحدثة، لاسيما وأنه في مدينة بعيدة. وسيلة ترقيم جديدة ويقول عبدالله القحطاني إن ال”بلاك بيري” مهم جدا؛ حيث أتواصل مع أصدقائي من خلاله وأفتح برامج “الشات” وأتصفح ال”يوتيوب” لأنه جهاز مسل كثيرا، ويضيف: “دخلت بعض الأجهزة الجديدة والتي تفتح أي موقع محجوب، مما زاد الإقبال عليها بشكل لافت خلال الفترة الأخيرة، ويقوم بعض الشباب بالترقيم عن طريق رقم البحث من خلال رقم “البي البي” وهو رقم خاص بخدمة ال”بلاك بيري” حيث يستطيع أي شخص البحث عن أي شخص آخر لديه هذا الجهاز، ومن ثم التواصل معه في حال القبول. ويؤكد القحطاني وجود بعض البرامج الحديثة التي تفتح أي وصلة بين الأجهزة، مما يسبب الإحراج للفتيات ويمنع الكثير منهن من شرائه بسبب هؤلاء الشباب. أما محمد علي الفقيه، طالب بكلية الطب، فيقول:انتشر جهاز ال”بلاك بيري” بين الطلاب والطالبات في الكلية، ويستقبلون عبره الملفات والصور ومقاطع من المحاضرات، بالإضافة إلى استقبال الواجبات اليومية على البريد الإلكتروني، مما يسهل مهمة البحث عن الإنترنت، إذ بات الإنترنت في جيب كل طالب يمتلك ذلك الجهاز. ويصف جيري، من الجنسية الفلبينية، ال”بلاك بيري” أنه مكتب متنقل في جيبه، مشيرا إلى استفادته منه في فتح بريده الإلكتروني والتواصل مع أصدقائه سواء في السعودية أو في شتى أنحاء العالم لاسيما الفلبين. ويضيف جيري أن الجهاز وسيلة تعارف مع شباب سعوديين، كما أنه يسهم في تغيير صورتي وفكرتي عن الشباب السعودي، إذ اندهشت لما يملكونه من ثقافة وفكر، سواء في التقنية أو غيرها. الكبار لا يفضلونه فيما يقول خالد الشهري وهو تاجر جملة في أجهزة الاتصالات أن الطلب على جهاز ال”بلاك بيري” أصبح كبيرا جدا؛ حيث إن المسوقين للأجهزة يتوقعون أن يلقى إقبالا كبيرا ينافس الشركات الأخرى من حيث المبيعات، ويؤكد أن الطلب الرئيسي على شراء الجهاز من قبل فئة الشباب من عمر 21 – 35 عاما، في حين أن الكبار لا يزالون يفضلون الأجهزة التقليدية؛ نظرا لجهلهم بكثير من تقنيات الأجهزة الحديثة، ويشير إلى أن كثيرا من مندوبي المبيعات باتوا يتواصلون مع بعضهم عن طريق تلك الأجهزة التي وفرت عليهم تكلفة الفواتير، بل إنها مهمة جدا، إذ تحدد مواقع مندوبي المبيعات مما يسهل مهام المتابعة لدى أصحاب المحال. إقبال شرائي فؤاد خميس، صاحب محل أجهزة، يوضح مزايا وأسباب الإقبال على هذا الجهاز، بقوله: “انتشر الجهاز لحب التغيير والتقليد فيما بين الكثيرين، وكذلك مواكبة كل جديد في عالم التقنية، ومن جانب آخر أرى أن ال”بلاك بيري” أخذ أكبر من سمعته، ولكننا كأصحاب هذه الأجهزة المستفيدين، إذ نجد يوميا ما لا يقل عن عشرة زبائن من الجنسين سواء شبابا أو فتيات يشترون هذا الجهاز، وأغلبهم يطلبون أن يكون برقم تسلسل مميز وذلك وبالمصطلح العاميللتعرف على فتيات”. ويضيف: “يتوافر في ال”بلاك بيري” ميزات كثيرة، وهناك أجهزة لا تختلف عنه، ولكن به ميزة الأخبار المباشرة والدردشة والتقريب بين الناس البعيدة وخدمة الإنترنت السريع، فالسرعة في الجهاز قياسية”، ويؤكد أن من إيجابيات البلاك بيري” أن مواصفاته هي مواصفات “لاب جوال”، بمعنى أن كل ما يتوفر في ال”لاب توب” والجوال تجده في ال”بلاك بيري”، ناهيك عن التعامل السريع مع البريد الإلكتروني والصوت الواضح الرفيع، وتصفح الإنترنت بسرعة، أما سلبياته فبكل تأكيد أن سلبيته الأولى، من وجهة نظري، هي فتح المواقع الخليعة، ومثلما لكل جهاز سلبيات وإيجابيات فال”بلاك بيري” كذلك، وإن كان البعض يردد أنه “جهاز معقد”.