تبنى أمير منطقة نجران الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز السعي لصلح قبلي وإنساني بين قبيلتين، إحداهما تستوطن نجران، والأخرى في اليمن، ووضع حدا لخلاف استمر بين القبيلتين طيلة 36 سنة. وتعود أسباب الخلاف بين القبيلتين إلى لغم في منطقة السلان في اليمن، وضعه أحد أفراد جماعة آل سمرة من آل قزعة (قبيلة عبيدة)، وأودى بحياة شخص لم يكن في الأصل هو المقصود به أو المستهدَف في حياته، من قبيلة (الحرث) بنجران؛ ما حدا بقبيلة القتيل للسعي لأخذ الثأر طيلة أكثر من ثلاثة عقود ونصف العقد. وبما أن قبيلة الجاني تستوطن اليمن وتفصل بينها وبين قبيلة القتيل الحدود الدولية فقد ظلت القضية كامنة، غير أنها ظلت مذكورة بين أفراد القبيلتين طيلة هذه السنوات. وفي مطلع العام الجاري بدت مساعي صلح بين القبيلتين، جرى فيها تأكيد أن القبيلة التي وضعت اللغم لم تكن تستهدف أي فرد من قبيلة القتيل، بل زرعت اللغم؛ نظرا إلى الأوضاع الأمنية السيئة في أراضيها في تلك الفترة من الزمن. وإثر تقريب وجهات النظر تم عرض الوضع على أمير منطقة نجران، الذي وجَّه بتسهيل دخول زعماء وأفراد القبيلة اليمنية إلى نجران من أجل وضع حد نهائي للخلاف بين الطرفين. وتواجد الآلاف من زعماء القبائل والعشائر في موقع الصلح شمال الحصينية بنجران، وبدأت مراسم الصلح القبلي أو ما يُعرف ب(المنصد)، واجتمع الزعيمان: صمعان بن نصيب شيخ شمل قبائل مواجد يام، مع ناصر علي بن عوشان شيخ قبائل الدماشقة، مع الشيخ علي مبارك بن نمران. ويقوم الصلح على قبول القبيلة المتعدية بما تمليه القبيلة المتضررة. وكانت القبيلة التي تستوطن اليمن قد أحضرت معها خمس سيارات من نوع جي إم سي صالون موديل 2010، وثلاثة جمال، واثنين من الكفلاء. وأوضح أعيان قبيلة (آل قزعة - الدماشقة)، القادمون من اليمن في بدء الاجتماع، أنهم يطلبون من قبيلة الحرث الصفح والصلح في القضية، وأنهم مستعدون لتنفيذ أي حكم يصدر من أولياء القتيل، وأعلنوا تقديمهم ما جاؤوا به من سيارات وإبل وكفالة عدد من الرجال. وبعد تشاور أفراد قبيلة الحرث فيما بينهم عادوا إلى الجموع وطلبوا واشترطوا الحلفان والأيمان لعدد 22 حالفا يحلفون بأنهم لم يكن لديهم علم أو يتعمدوا قتل القتيل (صالح بن كعوات الحارثي)، وأبدت قبيلة آل قزعة بعبيدة الموافقة على الحلفان؛ ما جعل الوسطاء يطالبون بإسقاط هذا الشرط؛ لأن مجرد الموافقة على تقديم الحلفان يعني صدق أفراد القبيلة في عدم علمهم أو تعمدهم قتل القتيل. وإثر ذلك أعلن أولياء القتيل بصوت عال ومرتفع قائلين: «أيها الناس.. أيها المشايخ.. أيها الوجهاء وأهل الخير.. نحن أفراد قبيلة الحرث اتفقنا أن نسمح وندمح ونعفو قبيلة آل قزعة في قتيلنا، لوجه الله ثم لوجه الأمير مشعل بن عبدالله أمير منطقة نجران لشفاعته وتوجيهه بتسهيل دخول قبيلة آل قزعة إلى نجران، ودوره الإنساني النبيل ومتابعته لمراسم الصلح فيما بيننا، وإننا متنازلون عما أوفيتم به من شروط، وما أتيتم به من أموال أو سيارات أو إبل». وعندها رُفعت الرايات البيض في موقع الصلح إعلانا بانتهائه على خير.