ألعاب (البلايستيشن) من واقع صناعتها وأفكار مادتها، وعدم تخصيص إنتاجها لأطفالنا تعد عملا تخريبيا بامتياز لسلوكياتهم وتهديد قيمهم التي ينشؤون عليها، وهي بمثابة القاتل المأجور الذي يقتل قيم ومبادئ أطفالنا ويدمّر في دواخلهم كثيرا من المعاني الراقية والأخلاق السامية؛ فهذه الألعاب تحتوي على جرعات عنف زائدة أو مشاهد وعبارات خليعة، وبنظرة سريعة فإن غالبية أشرطة هذه الألعاب تحوي مشاهد تحرّض على العنف والخروج على القانون أو تحوي مشاهد جنسية وألعاب قمار، إلى جانب احتواء بعضها على تمييز عنصري أو ديني. تأثيرات خطيرة ومباشرة يرى سلطان الحديثي، أن لألعاب (البلايستيشن) العنيفة تأثيرات سلبية تقوي السلوك العدواني لدى الأطفال تحديدا، ويقول: “لها تأثيرات خطيرة ومباشرة على الطفل فأنا مثلا أرى الأطفال في منزلنا يقومون بحركات عنيفة وعدوانية بعد لعبهم إحدى الألعاب الخطيرة مباشرة، وأتوقع أن تلك الألعاب تسهّل من عملية ارتكاب الجريمة”. مساس بالعقيدة وطالب محمد الشهري بالتصدي لمثل هذه الأشرطة التي تمسّ عقيدة الطفل وتغيّر سلوكياته، حيث أشار إلى أن هناك أشرطة تصدر تمسّ العقيدة وتسبّ الرسول صلى الله عليه وسلم وتهدف إلى تشويه صورته لدى النشء، وأضاف: “هذا الموضوع مهم جدا وخطير وأناشد المسؤولين في وزارة الثقافة والإعلام من خلال صحيفتكم، أن يتصدوا لمثل هذه الألعاب الخطيرة، وأنبّه الجميع إلى أن هناك لعبة جديدة تصّور الرسول صلى الله عليه وسلم في إحدى مراحلها بصورة غير لائقة، فأهيب بالجميع بتوخي الحذر والتصدي لها”. سبب للانحراف لم يخف نهاد محمد تأثره بألعاب البلايستيشن غير اللائقة، بقوله: “تعلمت لعبة القمار وأدمنتها عن طريق أشرطة البلايستيشن وخسرت الكثير بسببها، وأرى أن شركتها ضارة بشكل كبير على سلوك الصغير والكبير”. ويقول عبدالرحمن العمري، بائع أشرطة بلايستيشن: “الأشرطة التي تحرّض على العنف أو التي تحوي تمييزا دينيا أو مشاهد غير لائقة موجودة، وتنتشر بكثرة ولها تأثيرات على مستخدميها وبالأخص صغار السن”، ويضيف: “أذكر أنه جاءني رجل يقول إن ابنه أصبح يستخدم عبارات ألعاب البلايستيشن كثيرا، حيث لا يتحدث غيرها من جرّاء إدمانه عليها”، مشيرا إلى أن أكثر الزبائن هم من فئة الشباب أو الأطفال، مبينا أن أشرطة البلايستيشن ليست سيئة على العموم، حيث توجد أشرطة تنمي الفكر وتساعد على التفكير والابتكار. وحمّل عبد الحميد محمدأحد الباعة الأسرة المسؤولية الكاملة لانتشار مثل هذه الأشرطة، حيث يشير إلى أن جهل الأسرة هو السبب الرئيس في تفشي الظاهرة، قائلا: “أنبّه الأهل قبل البيع على نوعية الشريط وكمية العنف الواردة فيه، ولا أتردد في النصح، بغض النظر عن المكسب المادي، حيث إن الأمانة والضمير هما أساس التعامل، حيث أبرئ ضميري بإخبارهم وتوضيح المضمون لهم، والغريب أن البعض يصرّ على شراء الشريط، على الرغم من تحذيراتنا”، ويضيف: “قرارات منع بيع الأشرطة تزيد الإقبال عليها، والمؤسف أنها لا تخضع لأسس سليمة أحيانا، وتكون عشوائية، حيث يتم منع شريط لا يحتوي على أي مخالفة أحيانا، ويصرّح لأشرطة بعضها يكون إباحيا للغاية”. خطر حقيقي الدكتور جمال الطويرقي، استشاري الطب النفسي في مدينة الملك فهد الطبية يؤكد في حديث ل”شمس”، أن خطورة الألعاب الإلكترونية أو ما تعرف بألعاب العنف في (البلايستيشن) تحوي مشاهد عنف تهدم المبادئ والقيم، ويقول: “هي خطر حقيقي على مستخدمها، خاصة صغار السن منهم، حيث تعزز جانب الشر وأسلوب العنف لدى الطفل، وتزيد من عدوانيته بين أقرانه، وتعمل أيضا على تنمية بعض السلوكيات الخاطئة لديه، وقد يؤدي ذلك إلى نتائج لا تحمد عقباها”. وأوضح، أنه تم فرض عقوبات مشدّدة على من يبيع مثل هذه الأشرطة لمن لم يصل للفئة العمرية الموضحة على غلاف الشريط في أوروبا وأمريكا وبعض الدول المتقدمة، وأضاف: “يجب على الأسرة أولا متابعة أطفالها ومراقبتهم ونصحهم أيضا، ويجب على المدرسة كذلك دراسة حالات الأطفال الذين تظهر لديهم سلوكيات عدوانية أو عنيفة ومحاولة معالجتها”. دافع إلى الجريمة ويوضح الدكتور إبراهيم الجوير، أستاذ علم الاجتماع وعضو مجلس الشورى، أن إدمان مشاهدة الأفلام أو الصور الكرتونية أو المجسمة التي تحتوي على مشاهد عنف أو مشاهد جنس أو مخدرات لها تأثير كبير جدا على الإنسان عامة، ويضيف أن هناك دراسة بعنوان (الإباحية وتبعاتها) أجريت على مجموعة كبيرة من الدول والأقطار المختلفة؛ لتبحث مدى تأثير الأفلام والصور بأنواعها، تلك التي تحتوي على مشاهد عنيفة أو مشاهد غير شرعية على مستخدميها للمهندس الدكتور مشعل القدهي، أحد منسوبي هيئة الاتصالات السعودية، وأفادت الدراسة بأن إدمان مشاهدة مثل تلك المرئيات يدفع المشاهد إلى القتل والزنا والعقوق وشرب الدخان والكثير من الممارسات غير الشرعية. وأضاف، أن كثيرا من الأشخاص يأخذ الجريمة الثانية أو الأخرى، ولا يعلم أن إدمانه مشاهدة مثل تلك المشاهدات هو السبب الرئيس والدافع إلى الجريمة، حيث تؤثر تلك المشاهدات في الشخص وتدفعه إلى حب الجريمة وممارستها، ولو بعد حين.