“إنها أرخص سعرا، لكنها في النهاية مستعملة”، قالها عائض الجعيد، أحد سكان مكةالمكرمة، وهو يمسك بيديه ملبوسات يعرضها أحد الباعة الجائلين على رصيف في المنصور. وعلى الرغم من رأي الجعيد الذي لم يبد اهتماما بشراء أي من هذه المعروضات رخيصة الثمن، إلا أن انتشار هؤلاء الباعة مجهولي الهوية، ومنظر بسطاتهم الذي بات مألوفا في كثير من شوارع مكة، يشي بأن هذه البضائع تجد رواجا من قبل شرائح عديدة. ويأخذ الجعيد على هذه البسطات، أنها تعرض ملبوسات غير مأمونة: “هؤلاء الباعة ليس لديهم أدنى إلمام بشروط السلامة، الملابس التي يعرضونها للبيع مستعملة في الأساس، وغالبا ما تكون لموتى، ولا أعتقد أنهم يزيدون على غسلها كيفما اتفق في أماكن مجهولة، ليعيدوا عرضها للبيع”، فيما يبدي استغرابه الملحوظ من: “عدم تدخل أي جهة حكومية لإيقاف هذه الظاهرة، لا سيما وهي تشوه وجه مكة الجميل في الموسم الذي يشهد وجود حجاج وزوار للمدينة المقدسة”. ويركز فيصل عبدالمحسن على ناحية أخرى يراها السلبية الأكبر في هذه البسطات، إذ ينبه إلى مكمن الخطورة في البضائع المعروضة، وهو أن “إعادة بيع الملابس المستخدمة خطر حقيقي، ومن يفكر في شراء هذه الملبوسات لا يعرف كيف كانت حالة مالكها الأصلي الصحية، فقد يكون مصابا أو حاملا لمرض خطير أو معد، فينتقل إليه من جراء استخدامه لملابس مشبوهة لا يعرف عن مصدرها شيئا سوى أنها أعجبته، أو لأنها رخيصة الثمن” . يوافقه الرأي الدكتور حازم عزالرجال اختصاصي الطب العام، الذي يشير إلى أن استخدام ملابس الآخرين: “ظاهرة غير صحية إطلاقا”، مؤكدا أنها تسهم في: “انتقال الأمراض الجلدية المعدية إلى الآخرين من جراء ملامسة هذه الملابس لأجسادهم مباشرة”. ويشير الدكتور حازم إلى أن انتقال الجراثيم المعدية عن طريق هذه الملابس: “أمر وارد بشكل كبير، خصوصا إذا علمنا أنها لا تخضع لرقابة من أي جهة معنية بالصحة، وإنما هي مجرد ملابس مجهولة المصدر تغسل بطريقة مجهولة أيضا، وتعرض من دون أدنى اهتمام بشروط الصحة العامة”، لافتا إلى أن العديد من الجراثيم المعدية التي تسبب للإنسان أمراضا جلدية “تنتقل بشكل مباشر عن طريق ملامسة أنسجة الملابس الخاصة بالفرد المريض، وحينها ينتقل المرض إلى الشخص الآخر بسرعة، فيتسبب ارتداؤه لملابس المريض في إصابته بالمرض نفسه” . وفيما حمل مواطنون، بينهم زايد العتيبي، الأمانة وفرع الشؤون الصحية، المسؤولية عن بقاء مثل هذه الظواهر، باعتبارهما الجهتين المعنيتين بشكل مباشر بالتصدي لهذه الظواهر، أكد سهل مليباري الناطق الإعلامي لوكالة الخدمات بأمانة العاصمة المقدسة أن هناك: “لجنة للأسواق في جميع البلديات الفرعية، تتابع هؤلاء الباعة وتصادر ما بحوزتهم من بضائع”.