لم يشأ الوسط الفني في مدينة جدة أن يعيش في منأى عن كارثة جدة فقد تفاوتت المطالب ما بين وجود استشعار الأمانة وما بين الدعوة للوقوف إلى جانب المتضررين من جراء ما حدث، تحدثوا بصدق وشفافية، عن دورهم الذي سيقومون به من أجل العودة ب(العروس) الحالمة وتجفيف دموعها التي ذرفتها على أرواح أبنائها الذين أخذتهم السيول ذات أربعاء مأساوي.. تبرعوا من ريع نشاطكم الفني البداية كانت مع الفنان الدكتور عبدالله رشاد الذي أكد ل“شمس” أهمية وقفة الفنان في المشاركة الاجتماعية قائلا: “ما بين عملي كمندوب لهيئة الأممالمتحدة وفني فإني مطالب برفع تقارير يومية لإمارة منطقة مكةالمكرمة ليتم إرسالها للمنظمة”، وأوضح رشاد أن البنية التحتية لمدينة جدة، وما آلت إليه اليوم أصبحت بفعل ذلك كله عجوز البحر الأحمر بعد أن كانت عروسه، لذلك ومع ما تمر به من ضُر فإني أطالب جميع فناني السعودية بعمل فني يخصص ريعه لأسر الضحايا والمتضررين، لأن هذه الخطوة بحد ذاتها مشاركة يجب على الفنان الحرص عليها فهو جزء لا يتجزأ من المدينة وسكانها. وأضاف: “هنا يأتي دور الفنان الاجتماعي، فما أصاب مدينة جدة الحبيبة يستدعي منا جميعا من شتى أنحاء السعودية المشاركة العينية والمادية، وتخفيف جراح المتضررين، وما حدث لجدة وأهلها قبل كل شيء قضاء الله عز وجل وقدره، ولا أحد يتحمل مسؤوليته، لكن المسؤولية هنا كيف سيتم التعامل مع مثل هذه الكوارث مستقبلا، لا قدر الله”. نريد وقفة فنية صادقة أما الملحن طلال باغر فقد أكد أن الفنان قبل أن يكون منتميا لوسط فني أو خلافه فهو مواطن وفرد من أفراد المجتمع يحلم بأن يرى مدينته في مصاف المدن المتقدمة وقال باغر: “أتمنى أن تتمتع جدة بالجمال، لأنها عروس البحر الأحمر وعروس المصائف العربية، وهذا لا يتحقق إلا بقيام كل مسؤول بما يخصه بكل أمانةٍ وإخلاص مراعيا رقابة الله، ثم أهمية الحفاظ على المال العام”، وتابع: “الدولة لم تبخل بتوفير كل الإمكانات لتصبح مدننا في مصاف الدول المتقدمة ولا بد من وقفة فنية جماعية تخدم جدة وتواسي المتضررين في أحداث السيول الأخيرة”. سيول جدة منعتني من العيد مع والدتي من جانبه تحدث الفنان صالح خيري ل“شمس” عن الكارثة بقوله: “كنت أنوي السفر برا لقضاء فترة العيد مع والدتي، لكن السيول حبستني وكاد السيل يلتهمني لولا لطف الله، مؤكدا أن ما ألم بجدة كارثة كبيرة أحزنت الجميع، وهذا ما يدعونا للمطالبة بتغيير جذري، فالعملية أصبحت مكشوفةً للصغير قبل الكبير”، على حد وصفه، وواصل: “أصبح الجميع يميز بأن هناك خللا ما، وأصبح الأمر مستغربا، ويجب على المسؤولين الاهتمام بجدة، وهذه دعوة لكل غيور على هذه المدينة التي تجمع الإبداع وأنجب رحمها المبدعين، ونحن بحاجة في هذه الظروف لتكاتف فني يخدم المدينة أسوةً بما يحدث في دول الخليج الأخرى، فنحن كفنانين لا تجمعنا سوى المصادفة أو المناسبة”. (أم الرخا والشدة) لن تنسى المأساة بكلمات يملؤها الأسى تحدث الفنان لؤي محمد حمزة عن المأساة قائلاً: “يوم الأربعاء 8 ذو الحجة، لن ننسى مأساته، لأنه هز مشاعر وأحاسيس أهل جدة”، وتابع: “هل إلى الآن تسمى جدة أم الرخاء والشدة أم تضرر تسعة أحياء في المدينة من جراء مطر لمدة خمس ساعات هز شدة المدينة؟! دعائي بالرحمة للشهداء، وأن يصبر الله أهليهم وذويهم”. وطالب حمزة المسؤولين بوضع خطط طويلة الأجل على أن يتم تنفيذها من قبل شركات عالمية، وبدقة وبأسرع وقت ممكن، لكيلا نتعرض بعد ذلك لهذه الكوارث والأمان بيد الله، وقال: “لماذا لم تكن هذه المطالبة من قبل وقوع الحدث؟! لماذا ننتظر إلى أن تقع الكارثة؟! أبسط وأفقر الدول لديها شبكات تصريف لمياه الأمطار ومدنها مغطاة بشبكات تصريف”. وأنهى كلامه بشكر كل من ساهم بشكل مباشر وغير مباشر، وتطوع لإنقاذ أحياء جدة، واختتم حديثه بتساؤل طرحه أحد الشعراء: “هل سيجف قليلا بحر جدة من جراء فقداننا لعشرات الأرواح”؟!. الشافعي مع المتطوعين الفنان الشاب محمود الشافعي انضم هو وأسرته مع الشباب المتطوعين في تقديم المعونات للمتضررين، وذكر أن الفنان جزء لا يتجزأ من المجتمع، وإيمانا بدور الفنان لا بد أن يكون له دور في الأفراح والأتراح، وقال: “من هذا المنطلق فقد قررت أن أقوم أنا وأفراد أسرتي بالاشتراك في المجموعات التطوعية التي تقدم المعونات للضحايا، وهذا أقل ما يمكن تقديمه لجدة العزيزة على قلوبنا وعلى أهالينا الذين فقدوا غاليا في هذه الكارثة أو من ألم بهم مصاب من جراء ما حدث”. ماذا حدث للحالمة جدة؟! الشاعر الغنائي عبدالله البركاتي الذي كتب أوبريت جدة 1429ه بدأ حديثه ل”شمس” بقصيدة عن جدة تقول: ياوردة في بلادي كل الورود تذبل إلا أنتي ياجدة فيك الحلى يكمل والموجة تتهادى في لوحة ما أجمل جدة هواها غير كل يوم يتجدد ثم استطرد في الحديث قائلاً: “جدة هذه الوردة التي تغنى بها الشعر، واهتزت لها المشاعر، وخفق لها القلب بجمالها الساحر، وعبقها الآسر ماذا حدث لها حتى تذبل بهذه الصورة؟! وأصبحت ترى بعين العطف، ومشاعر المواساة لا الجمال والمباهاة ماذا أصابها؟!” وتابع: “جدة مدينة حالمة بحلتها الجميلة رداؤها الشفق، وضياؤها الشمس ما يوده الشعراء لهذه المدينة أن تظل فوق الظروف شامخة لا تحطمها الأعاصير الهادئة بهذه القسوة العنيفة فتهتز الصورة وينكسر الشعر وتنام المشاعر”، وتساءل: “هل تعود مدينتنا الحالمة بالجمال؟ هل نستطيع حمايتها من العبث الذي أطاح بها؟! نعم ستعود وتأسر القلوب فلا نعبث بها”.