المتشائمون يرون ألا جديد في النصر، وأصحاب الحسابات الخاصة يمارسون الانتهازية بعد أي هزيمة يتعرض لها النصر؛ ليكرسوا هذه النظرة السوداوية، التي تخدم ماضويتهم التي أوهنت النصر. الواقعيون يرون أن النصر يتعافى ببطء، ومن الممكن تسريع هذا التعافي بشيء من التنظيم. وبين هذه التيارات الثلاثة تتحرك قناعات مدرج الشمس، وهي قناعات مؤثرة في المسيرة النصراوية، وهناك محاولات جادة من الواقعيين لضبط هذه القناعات الفائرة؛ لجعلها قوة دفع للمسيرة نحو المناطق المشمسة.. خيار مشروع التغيير، الذي جاء لسدة الرئاسة، بدعم جماهيري وإعلامي وشرفي غير مسبوق، يتحرك ودائرته الصغيرة تحت الضغط، الذي بعضه نتاج سنوات، ليس له يد في تمدد مساحات السواد فيها، ولكنه لا يستطيع أن يعمل بمعزل عنها؛ لأنها تعيش في وجدان جماهير الشمس، وتؤثر في مزاجها، بل قد تشعل النار في مشاعرها، بمجرد ولوج هدف في مرمى فريقها.. لا أحد يستطيع أن يحدد الوجهة التي سيمضي إليها النصر؛ وذلك بسبب انفعالية القرار، وضعف خبرته وصغر الدائرة التي يصنع فيها، وإحساس هذه الدائرة أنها تعرف كل شيء، وستغير كل شيء، وأنها يجب أن تغير كل شيء في النصر؛ لأنها تعتقد أن كل شيء في النصر كان يسير في الطريق الخطأ قبل تكوينه، وهذا المعتقد المبني على الإعجاب بالذات دمَّر نجاحات سابقة، بدلا من البناء عليها، كالواقع الشرفي، ونجاحات قطاع الفئات السنية، والسياسة الإعلامية التي بدأت في نهاية الموسم الماضي تتبلور بصورة السياسة المؤثرة في المشهد الإعلامي.. على مستوى الفريق الأول، وهو الأهم، لا أحد ينكر أن سمو الرئيس بذل الكثير لإحداث نقلة كبيرة فيه، ولكن هذه النقلة ما زالت تواجه الكثير من العقبات، نتيجة خلل كبير في التنظيم، وغياب التناغم الإداري والفني، ولعل حديث مدرب الفريق السيد ديسلفا لإحدى الصحف الأسبوع الماضي كشف هذا الخلل، كما أن التباين في الأداء بين شوطي أكثر من مباراة يؤكد غياب هذا التناغم، بل إنه يوحي بأن هناك اختلافا جذريا في تبني سياسات عمل متضاربة، ولعل مباراتي الشباب والأهلي تؤكدان ذلك؛ فالمدرب يدخل المباراة بقناعات التوافقات المرضية، ولكنها ما إن تخذله حتى يلعب بالقناعات الفنية، لا من حيث العناصر، ولا من حيث منهجية اللعب..!! من أجل ألا يفقد سمو رئيس النادي الزخم الجماهيري والإعلامي، وألا يخرج من الموسم بلا مكتسبات تعزز إكمال الهدف المرحلي لمشروع التغيير، وهو بقاؤه في سدة الرئاسة أربعة مواسم قادمة، عليه أن يعيد تنظيم توزيع الصلاحيات، وأن يقرأ مقابلة السيد ديسلفا لإحدى الصحف الأسبوع الماضي؛ ففيها الكثير من توصيف مشاكل النصر، وألا يستمع إلى من يقول إن المقابلة عبارة عن حديث براءة الساحة للمدرب، وهذا القول غير الواقعي كان من الممكن تصديقه لو أن المدرب قاله في صالة المغادرة بمطار الملك خالد. بقي أن نسأل: النصر إلى أين؟ الإجابة عن هذا السؤال القلق لا تبدو صعبة؛ فمسار النصر كان واضحا جدا في لقاء السيد ديسلفا.