لقاء الكراهية.. هكذا عنونت وكالات الأنباء لقاء البارحة الذي جمع المنتخبين المصري والجزائري. تعبئة في الإعلام والشوارع وفي المدرجات وفي المنازل، وسال الدم في المطار قبل الموعد بساعات. وفي داخل الملعب أداء ضعيف، وحماس دون لعب، وحركة دون خطط، وهدفان أبقيا الأمل لمصر وتركا أبواب التأهل متساوية، وهذه المرة من أم درمان. مائة ألف في الملعب، وضِعف الرقم في الخارج، يبحثون عن موقع لمشاهدة المعركة، وملايين في كل القارة السمراء وفي قارات أخرى يترقبون النتائج والغنائم. مَنْ يقُل إن التعبئة بين البلدين لم تكن أشبه بالمعارك فهو كاذب.. ومَنْ يصدق حكايات التلطيف وكلمات لقاء الأشقاء والإخوة وجميعنا فائز ولا يوجد خاسر بين المنتخبين فهو بالتأكيد يعيش الوهم ويريد أن يصدره للآخرين! بين مصر والجزائر رياضيا معركة تتجاوز التنافس ولا مكان فيها للروح الرياضية، فيها (الشتم) وممارسة كل الوسائل لتحقيق النصر، ولدي الدليل!! قبل سنوات وتحديدا في العام 2004 تواجدت مع عدد من الزملاء الإعلاميين في الجزائر لحضور الدورة العربية العاشرة، وشاهدت وسمعت ما يؤكد أن جماهير الدولتين يعيشون حالة احتقان وعلاقة متوترة ومختلفة عن بقية الدول الأخرى. كان اللاعب المصري ينزل إلى الملعب في السباحة أو رفع الأثقال والفروسية أو في لعبة أخرى، ومع ذكر اسمه تصرخ كل الجماهير الحاضرة بصوت واحد وكلمة واحدة (حرامي حرامي)، وكنت أعتقد ومعي الزميل بتال القوس أن ما حدث في رفع الأثقال حالة فردية من جماهير هذه اللعبة، ولكننا اكتشفنا أنها تتردد في كل الملاعب ومنذ سنوات، وليست مرتبطة بهذه الدورة فقط. ووصل الأمر في بعض الأحيان إلى أن يمتنع اللاعب عن الدخول إلى الملعب أو الصالة، وأتذكر سباحا مصريا كان يبكي بحرقة وهو يتوج بالذهب؛ لأنه لم يسمع من المدرجات سوى هذه الكلمة منذ إعلان فوزه حتى وقت التتويج. تعاطفت حينها مع اللاعب ومع بقية زملائه اللاعبين الآخرين، وسألت صحفيا جزائريا “لماذا تتعاملون مع المصريين بهذه الطريقة في وقت كان يجب أن يكون منافسكم المنتخب المغربي مثلا بحكم التجاور والحدود وبعض الخلافات السياسية؟”.. أجاب: “أنت لا تعرف كيف يتعامل الجمهور المصري معنا عندما نكون عندهم”، ولم يوضح أكثر، وكأنه بحديثه يبرر ما تفعله الجماهير، ويعتبره معاملة بالمثل، وصدمني أكثر عندما قال “لولا وجودي بينكم في موقع الإعلاميين لرددت مع الجماهير ما يقولون”! فاصلة المعلق الليبي حازم الكاديكي ظل يردد طيلة الدقائق ويصف منتخب مصر بالساجدين، وكأن خصمهم... وبعد يتساءلون مَنْ يؤجج الجماهير ومَنْ ينفخ تحت الرماد؟