يعيش كثير من أبناء الأسر المترفة في فراغ وملل، ولا يعرفون كيف يستثمرون فراغهم فيما يعود عليهم بالفائدة.. ويعانون مشكلات نفسية وفراغا عاطفيا لا يمكن التعرف عليه إلا من خلالهم.. “شمس” التقت عددا منهم؛ لتتعرف على الحياة التي يعيشها أبناء الأسر المترفة ونظرة الآخرين إليهم ونظرتهم إلى الآخرين، محاولة اكتشاف ما يعانون من هموم ومشاكل. السعادة لا تتحقق بالمال بشرى العلي لا تعترف أمام صديقاتها بما تشعر به من اختلاف عنهن، وتحسدهن على كثير مما يتمتعن به من أشياء لم تشعر بها، رغم توافر كل ما تريده. وتقول: “صديقاتي ينظرن إليّ بعين الحسد ظنا منهن أنني أعيش حياة مرفهة وكاملة ومثالية، ولا يخفين التعبير عن ذلك، ولكن في الواقع أنا من أحسد كثيرا منهن على ما يعشنه؛ فلم أشعر في يوم من الأيام بمتعة في الأكل؛ حيث لا تطبخ والدتي الطعام لأي منا، وكلما أحس بالجوع أطلب ذلك من الخادمة، بينما أسمع من صديقاتي عما تصنعه لهن أمهاتهن من أطباق وكيف تستيقظ أمهاتهن لإعداد الفطور لهن بينما أنا لم أشعر بذلك قط”. أشعر بالغيرة عالية الزهير ترى أن رفاهية المعيشة لم تقدم لها الكثير من الأمور بقدر ما سلبتها العيش بشكل طبيعي. وتقول: “حقيقة أنا أشعر بالغيرة من كل من تتمتع بمقدرة على تحقيق طموحها دون مساعدة أحد، وتعاني للوصول إلى ما تطمح إليه حتى تصل إلى غايتها، وتشعر بمتعة الوصول إلى القمة ومتعة الانتصار، أما من تشعر بسهولة الوصول إلى القمة فلا تسعى إليها، وهذا ما عانيته؛ فلم أشعر برغبة في الدراسة؛ حيث إن والدي وفر لي مدرسات خصوصيات دون أن أطلب منه؛ فشعرت بعدم حاجتي إلى دروس المدرسة، ووعدني بالتحاقي بالجامعة التي أرغب فيها؛ فكانت صدمتي الكبرى بعدم نجاحي في الثانوية العامة؛ ما جعلني أقضي عامين في الثانوية العامة فقط لأتمكن من دخول الجامعة التي اختارها لي والدي، وبعد أن تخرجت لم أشعر برغبة في الدراسة؛ حيث إنني لم أشعر بدافع يدفعني للدراسة، وحين كنت أتكلم مع صديقاتي في الجامعة وكل واحدة تعبر عن رغبتها في التخرج من أجل غاية معينة كنت أشعر بالغربة بينهن؛ فأنا لا غاية لي في الدراسة، ولا سبب سوى إرضاء أسرتي!”. أشعر بالقناعة فاطمة العبدالله عاشت في أسرة متوسطة الحال، وكانت غالبا ما تجمع من مصروفها لتشتري ما تحتاج إليه من أشياء لا يستطيع والدها توفيرها لها. وتقول: “لا يوجد إنسان لا يتمنى أن يعيش حياة مرفهة ومتوافر لديه كل شيء ويستطيع شراء كل ما يحتاج إليه ويتمناه؛ فهذه الحياة هي في الحقيقة أمنيتي حين كنت طفلة؛ فكنت كل مرة أذهب مع والدي للسوق أتمنى لو كان لدي مال لأشتري به كل ما أرغب، ولكن مع الزمن شعرت بالرضا والقناعة بما أنا فيه، خصوصا أن والدي لا يتوانى في توفير احتياجاتنا، وكل ما أتمناه أن نبقى بحالة ميسورة ولا نحتاج إلى مساعدة أحد، وقد لاحظت إحدى صديقاتي التي كانت تعيش حياة مرفهة جدا، وكان كل شيء موفرا لها، ولكنها دائما تطلب المزيد من الأشياء، ولا تشعر بالسعادة والراحة أبدا، وهذا ما كان يثير دهشتي منها؟!”. المال وسيلة عبدالله القحطاني وجدناه يحتسي القهوة في أحد مقاهي (الكوفي شوب) الراقية، وأكد وجود المعاناة رغم توافر جميع متطلبات الحياة؛ حيث قال: “على الرغم من توافر المادة إلا أنه توجد المعاناة عند جميع طبقات المجتمع بمستوياتها الثلاثة (العليا والمتوسطة والدنيا)”. وعن نظرة زملائه وأقرانه له كأحد أبناء الطبقة المترفة قال: “النظرة تعود إلى النوايا، والنوايا لا يعلمها سوى الله سبحانه وتعالى، ولكني أتوقع أنها لا تتجاوز إما زوال الخير الذي نعيشه؛ فهو في هذه الحالة إنسان حقود، أو إنسان يتمنى المعيشة التي نعيشها نفسها”. أما مدى احترامه لأبناء الطبقات الأخرى فقال: “التربية الصالحة هي التي تحكم مدى احترامك لزملائك ولأبناء الطبقة الأخرى”. المال عصب الحياة يقول يوسف آل دليم: “المال يعتبر عصب الحياة، وفي زمننا الجاري العنصر الأساسي الأول في نظر الغالبية العظمى من البشر على سائر المعمورة، وأنا أعتبر أحد هؤلاء البشر، وتملك نفسي الغريزة؛ حيث إنها تتمنى المادة كثيرا، وبالأخص عندما تصطدم ببعض الأمور التي تعجز النفس عن القيام بها، والسبب يعود إلى المادة، ولكن كثيرا ما أضع قوله تعالى (وتحبون المال حبا جما) أمام عيني، وأتذكر أن القناعة كنز لا يفنى، وأن الدنيا فانية مهما تملكت من أموال”.