الطب البديل أو التكميلي كلاهما يندرج تحت العمل الطبي المعروف منذ القدم، أي التداوي بالأعشاب، وهو الأمر ذو الوجود العرقي في الجزيرة العربية؛ حيث كان الأطباء العرب القدماء يؤمنون بأنه لا يوجد مرض يستعصي علاجه على النباتات الطبيعية. وتدرجت المعرفة في هذا النوع من التداوي من جيل إلى آخر؛ حتى كونت ما يسمى بالطب الشعبي في العالم العربي، وكان العرب قد اشتهروا بتطوير التداوي بالأعشاب خلال العصور الوسطى، واستندت الأبحاث الحديثة إلى قواعد قوية منذ ذلك العصر العربي. في الوقت الجاري لم يعد الطب البديل ذا شأن كما كان قبل قرون؛ بل أصبح أسلوبا يستغله عدد غير قليل من المحتالين من أجل الكسب المادي؛ وذلك ما أثر في سمعة الطب البديل، التي تدهورت مع التقدم الطبي العلمي من جهة، ومع الانحدار الأخلاقي لمهنة المداواة بالأعشاب من جهة أخرى، التي استضافت كثيرا من الدخلاء الذين أساؤوا إليها وما زالوا. التنظيم المحلي ومن أجل تنظيم هذا المجال سعت حكومات العالم، خصوصا تلك التي يُعرف شعوبها بمهارتهم في الطب البديل كالصينيين والهنود، إلى تنظيم هذه المهنة وسد كافة الثغرات التي تساعد المحتالين على الانخراط بها بقصد الاحتيال. وفي الجانب المحلي، وللدور الكبير الذي يلعبه الطب البديل في الثقافات المحلية؛ فقد حاولت الدولة تنظيم شؤون هذه المهنة، غير أن كبر سن المتعاملين بها، إضافة إلى عوامل أخرى، لم تعطِ محاولة التنظيم أي جدوى عملية؛ وهو ما أدى بمجلس الوزراء إلى دراسة الأمر دراسة متأنية وشاملة، تكللت خلال الأسبوع الماضي بوضع نظام مستقل للمركز الوطني للطب البديل والتكميلي، الذي سيصبح بمثابة مرجعية للمتعاملين بهذه المهنة، وسيصدر الاشتراطات التي تضمن عدم استخدام هذه المهنة في جوانب استغلال المرضى والاحتيال عليهم. نظرة على المتداوين عند أحد المحال المشهورة في الرياض أو أحد مراكز الطب البديل، التي تبيع الأعشاب الطبية والخلطات المصنوعة لمقاومة الأمراض، كان اللقاء بالمواطن محمد حمود السبيعي، الذي قدم من خارج الرياض من أجل الحصول على علاج لأحد أفراد أسرته، الذي يعاني حساسية جلدية، وقال السبيعي إنه لجأ إلى مراكز صحية علمية عدة من أجل معالجة قريبه، غير أن المحاولات لم تخرج بنتيجة، وقد نُصح بتجربة الطب الشعبي. وأضاف السبيعي أن نتيجة التداوي عند هذا الطبيب الشعبي قد أثمرت إيجابيا، وهو يزوره للمراجعة فقط. وأضاف: “عندما علم بعض الأقارب والأصدقاء بالنتيجة الطيبة التي حققها هذا الطبيب أوصوني بجلب بعض الأعشاب لهم لأمراض المفاصل وغيرها، وقد لمست ثقة كبار السن خصوصا من أقاربي بهذا الطبيب بشكل كامل؛ ففي رأيهم أن من يستطيع شفاء مرض معين فبإمكانه شفاء بقية الأمراض”. وقال السبيعي: “إن من أهم أسباب اللجوء إلى الطب البديل عدم الوصول إلى الشفاء أثناء التداوي لدى طبيب علمي، وطول المواعيد في المستشفيات الحكومية، التي هي (بحسب السبيعي) تضاعف مرض المريض ولا تعالجه”، إضافة إلى العامل النفسي الذي يؤكد السبيعي أنه يلعب دورا كبيرا؛ لأن الطبيب الشعبي كرجل الشارع يمكن أن يثق به المريض وبأدواته على عكس الطبيب العلمي الذي قد يجد البعض، خصوصا كبار السن، أنه لا يفهمهم ولا يفهمونه. إلى ذلك قال وليد العتيبي، وهو مواطن كويتي، كان يراجع العيادة المذكورة، إنه جاء من الكويت أيضا من أجل علاج ضد الحساسية الجلدية. وقال العتيبي إنه زار عشرات المستشفيات في الكويت وغيرها، ولم يصل إلى دواء شاف، غير أنه عندما سمع بقدرة هذا الطبيب الشعبي في الرياض على معالجته هذا النوع من الأمراض شدَّ رحاله إلى هنا. ومنذ أول زيارة للعتيبي أحس بالاختلاف وتشافى مما كان يؤلمه، ولكن لم تتوقف زياراته عند الشفاء؛ بل هو يواصل زيارة هذا الطبيب كلما مرَّ بالرياض؛ للحصول على أدوية لأقارب للعتيبي يعيشون في الكويت.