لا يختلف اثنان في أيامنا هذه على أن الأسعار انفلتت من عقالها، ولم تعد تستجِب للاجم أو كابح. و(الأسعار) مفردة متسعة؛ حيث تشمل المأكل والمشرب والمسكن والتعليم والعلاج والسفر والترفيه وغير ذلك من مناحي الحياة اليومية. لكن ربما يختلف البعض حول درجة الانفلات الذي أصاب الأسعار، ومدى ضرورته ومسبباته وكيفية معالجته أو التعامل معه، كما قد يضع آخرون خطا أحمر أمام ارتفاع أسعار سلع بعينها، كالمواد الغذائية والاستهلاكية الأساسية التي يتضرر من ارتفاعها الفقراء ومتوسطو الحال أكثر من غيرهم؛ لذا نجدهم يتساءلون عن دور الجهات الرسمية في ضبط إيقاع ووتيرة ارتفاع أسعار تلك السلع، كما أن الكثيرين من المواطنين امتلكوا ثقافة حماية المستهلك؛ ما وضع السؤال عن دور تلك الجهة في مقدمة طرحهم للمشكلة. “شمس” حاولت في هذه العجالة تلمُّس بعض جوانب المسألة ممن يهمهم الأمر على الجانبين. الرقابة على الأسعار يقول دواس الصبيحي: “غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار يؤثران في شرائح المجتمع كافة، وبخاصة الطبقتان الوسطى والفقيرة، بما يزيد الفجوة بين طبقات المجتمع؛ فالغلاء له أثر مباشر على تأمين السكن؛ لأن جزءا كبيرا من دخل الأسرة يذهب إلى إيجار السكن الذي ارتفع هو الآخر ارتفاعا كبيرا في الفترة الأخيرة”. وأضاف “لا بد من مراقبة الأسعار والتأكد من معاقبة التجار الذين يتسببون في رفع الأسعار دون مبرر لمجرد زيادة أرباحهم على حساب المواطنين”. دراسة الحال قبل القرار أما خالد آل مخزوم فيرى أن غلاء المعيشة ربما لا يشعر به سوى أصحاب المرتبات البسيطة والأسر الكبيرة في ظل استمرار ارتفاع الأسعار وتعدد المسؤوليات والالتزامات والمتطلبات الأسرية، خاصة عند بداية العام الدراسي؛ إذ تتضاعف متطلبات الأولاد أكثر فأكثر؛ ليجد الأب نفسه مطالبا بتوفير ملابس المدرسة والمستلزمات المكتبية وغيرها من احتياجات الطالب المدرسية. ويتابع آل مخزوم: “نحن وبعض الأسر نواجه هذا الغلاء بالاعتماد على (الدَّين) من أجل تلبية احتياجات الأسرة؛ فبعض الأسر يصل عددها إلى سبع أفراد؛ ما يستلزم النظر في حالة المواطن قبل اتخاذ أي إجراء ينعكس عليه وعلى أفراد أسرته بشكل سلبي”. المواسم لم تعد سببا من جانبه يقول يوسف الغامدي: “غياب الدعم الحكومي للأسواق من أسباب ارتفاع الأسعار”. ويجزم بذلك يوسف الغامدي، الذي يواصل: “لأن الدعم يخلق جو المنافسة لدى التجار، بدلا من ترك الساحة مفتوحة للتجار ليستوردوا البضائع والسلع التي تحقق لهم المنفعة والكسب المالي، بغض النظر عن نوعية المنتج الذي يحتلبون أرباحه من المواطن متوسط الحال”. ويؤكد الغامدي أن المواسم ليست السبب الوحيد للزيادة. مشيرا إلى أن الشهور الماضية شهدت ارتفاعا في الأسعار نتيجة زيادة رواتب الموظفين، “ومع حلول المواسم فإن الأسعار لم تطرأ عليها زيادات كبيرة نسبيا؛ لأنها أصلا تجاوزت حدود الضعف مقارنة بالفترة السابقة”. أين حماية المستهلك؟ من جهته يقول عتيق الخالدي: “لم يقتصر ارتفاع الأسعار على المواد الغذائية، ولكنه وصل إلى المواشي التي ظلت أسعارها تزداد بين فترة وأخرى، حسب مزاج التاجر، مع أن غذاءها (الشعير) لم يرتفع سعره؛ حيث أصبحت ورقة ارتفاع الأسعار بيد التاجر يلعب بها كيفما شاء”. ويخلص إلى أنه “لا بد من الوقوف ضد تجار المواشي ومحاسبة الجميع، مع أهمية بروز دور حماية المستهلك في الحد من استغلال المواطن”. (التجارة) تراقب وتعاقب المهندس عبداللطيف الصالح مدير فرع وزارة التجارة والصناعة بالمنطقة الشرقية أكد أن الوزارة تتخذ الإجراءات القانونية بحق التجار المتلاعبين بالأسعار. نافيا في الوقت نفسه التهاون في تطبيق تلك الإجراءات. واستطرد: “نحن في فرع الوزارة بالمنطقة الشرقية نؤدي واجبنا بالقبض على التاجر المتلاعب والتحقيق معه ومن ثم إحالته إلى هيئة التحقيق والادعاء العام بغرض متابعة القضية والتحقيق بشكل مفصل ودقيق، وقد تكون العقوبة مالية ربما تصل إلى مليون ريال تقريبا”. ورفض الصالح أن يكون هناك ارتفاع متزايد في مؤشرات الغلاء في السلع الأساسية أو المواد الغذائية، ويشدِّد على أنه لم يحصل هناك أي ارتفاع في السلع الغذائية الأساسية إلا في بعض منها، ويعود ذلك إلى ارتفاع الخام البترولي من قبل الدول المنتجة للسلع المرتفعة، كما حصل في مواد السكر في الفترة الأخيرة. وعن سبب عدم التشهير بالتجار المتلاعبين بالأسعار عبر وسائل الإعلام، كما تعمل وزارة العمل في التشهير بالمؤسسات والشركات المخالفة، قال الصالح: “التشهير بالتجار المتلاعبين مسؤولية وحدة الغش التجاري في الوزارة”.