(يمه.. يا يمه.. يا يمه حبيبي وأغار عليه من حضن أمه) هكذا صدح بها ابن الحبيبة العراق “كاظم الساهر” ذات أغنية. .. تغنى بتلك الكلمات لينقل مستمعها إلى فضاءات الحب العذب الزلال، ويتجول به بين زهوره كفراشة حالمة تبحث عن الجمال وتعشقه. صوّر كاتب تلك التحفة “غيرة الحب” في أقصى حدودها، وأبهى صورها، ورسم حب التملك للحبيب معنىً رائعا خلابا يهيب بالنفس أن “التملك” شرط للحب، ولا يعتبر عيبا إذا كان بين العشاق، بل إن رغبة الحبيب بالاستئثار بمحبوبه هو الوضع الطبيعي، والطعم الحقيقي للهيام والحب؛ فالحبيب يتمنى أن يكون أول الناس وآخرهم في حياة صاحبه، وأن يغدو الأهل والصحب والأحباب والناس أجمع، فيصير تواجده كل الحضور، وجل البشر ويمثلهم جميعا ويغنيه عنهم، وإن شعور العاطفة يزرعه رغبة في أن يكتب بقرب محبوبه ممنوع اللمس أو الاقتراب، ويدافع عن تلك القضية عمره بدمه وإحساسه وشعوره. .. المحب بحق ما بوسعه غير أن يغار أو يغار ثم يغار، فسهاد الحب لا بد أن يصل به إلى داء الغيرة التي تجعله يهلوس بما يرفع عنه القلم، ويصنف أقواله ضمن هلاوس عليل! .. وأظن تلك المقطوعة إحدى تلك الهلاوس الجميلة التي تعتبر قمة الشعور بالحب. .. ظهرت في وجهي تلك الأغنية القديمة، وطرقت مسامعي عذوبة الكلمات فأبى قربي وحبي لكم قراءنا الكرام إلا أن أذكركم فيها وأحقق لكم ذات مشاعر الاستئناس التي تعايشت معها. .. ولنقول معا: يا أم حبيبة شاعرها اعذريه إن غار عليها حتى من حضنك أنتِ.. ويا من أهديتي له حبه سامحيه ، فليس على المريض من حرج، وما هي إلا شدة إعياء، وحرارة شديدة وحمى شعور يبررها مسمى “عاشق”. البنفسج