عرفت الشعوب الأصلية في قارة أمريكا، التبغ منذ وقت غير معروف. غير أن الأساطير المكسيكية لدى السكان الأصليين تعيد اكتشاف التبغ إلى نحو 2500 سنة، وتذكر الأساطير أن اكتشافه جاء بالصدفة، حينما شب حريق في مزرعة كانت تنبت فيها شجيرات التبغ فطريا، ولاحظ سكان المزرعة وجيرانها أثناء إطفائهم النيران أن هذه النبتة تخرج دخانا ذا رائحة مميزة وله آثار عصبية مهدئة، ومن حينها أصبحوا يجمعون أكداسا من هذه النبتة، ثم يشعلون بها النار ويتحلقون حولها، وكانت تلك طريقة التدخين السائدة آنذاك. ولكن رغم ذلك ظل التبغ نبتة محلية، طوال العزلة التي عاشها السكان الأصليون هناك قبل وصول كريستوفر كولومبس ومن تلاه من المهاجرين الأوروبيين بدءا من عام 1492، وبعد انفتاح أمريكا على العالم قبل نحو 500 سنة، انتقلت نبتة التبغ عبر السفن إلى أوروبا وتحديدا إلى إسبانيا كمحطة أولى بعد أمريكا، حيث استزرعت هناك ونالت شهرتها شيئا فشيئا ثم انتشرت العادة في بريطانيا، وأسهمت التوسعات البريطانية في آسيا والشرق الأوسط في نشره لدى تلك الشعوب، ولم تمض عقود قليلة حتى قامت مزارع التبغ في أمريكا ببدء الإنتاج التجاري وأصبح التبغ ركيزة اقتصادية سواء للتجار الأمريكيين أو الأوروبيين. وفي المنطقة العربية، لم يكتف المدخنون باستهلاك التبغ الأمريكي، بل حاولوا استزراعه في بلدانهم ونجحوا في ذلك إلى حد كبير، ولا تزال مزارع التبغ المحلية قائمة في العراق وسورية ولبنان ومصر وغيرها من الدول، وإنتاجها يستهلك بكثافة. وفي أواخر القرن ال18 (ما بعد 1750م) أسهمت بعض الرؤى الدينية في الحد من استهلاك التبغ، غير أن ذلك كان محدودا جغرافيا، ولم تتأثر به سوى فئات قليلة. وكان الاعتماد العربي قائما على التبغ العراقي ونظيره الإيراني، وكان للظروف السياسية دور في مسائل تحريم التبغ وتحليله دينيا.