على غير العادة، يعود أكثر من 2.5 مليون طالب وطالبة في المراحل المتوسطة والثانوية اليوم إلى مقاعد الدراسة بعد تمتعهم بإجازة طويلة امتدت 100 يوم، وسط مخاوف كبيرة بسبب تفشي وباء إنفلونزا الخنازير الذي أصبح بمثابة خطر حقيقي يهدد حياة الملايين في العالم، فيما يلتحق البقية من طلبة الابتدائية والمراحل التمهيدية بالدراسة اعتبارا من الأسبوع المقبل، وذلك في حالة هي الأولى خلال ال20 عاما الماضية؛ حيث لم يسبق أن تخلفت مرحلة عن أخرى في بداية العام الدراسي.. ويأتي هذا التأخير أملا في وصول اللقاحات الخاصة بوباء h1n1 حيث تلقت وزارة التربية وعودا بوصول مليون عبوة خلال الأيام القليلة المقبلة. جاهزية.. وقلق من خلال الإجراءات الاحترازية التي تقوم بها وزارتا التربية والتعليم والصحة لمنع وصول وانتشار هذا الوباء في معاقل التعليم فإن الاستعدادات وصلت إلى مستوى عال جدا ومطمئن جدا – بحسب مسؤولي وزارتي التربية والصحة – إلا أن بعض المدارس ما زالت تشتكي من وجود نواقص كثيرة على مستوى التهيئة النفسية والتثقيفية بمخاطر الوباء لمنسوبيها، وكذلك النظافة العامة لعدم وجود المعقمات والمنظفات وغيرها من وسائل السلامة، وهو ما جعلهم يعيشون قلقا كبيرا حيال الوضع الراهن، آملين في وصول اللقاحات عاجلا علها تقلل من المخاوف وتعيد الأمور إلى نصابها الطبيعي. إجراءات الوقاية وفي غضون ذلك، أكد الدكتور فيصل بن معمر نائب وزير التربية أن الدورات التي أقيمت لتدريب آلاف المعلمين للتوعية بالإنفلونزا المستجدة جعلتهم على اطلاع كامل بالمرض وما يرتبط به من إجراءات إدارية لما في ذلك من تسهيل لمجريات العمل، وتزويد المعلمين والمعلمات بالمعلومات المهمة عن الإنفلونزا وإكسابهم المهارة اللازمة للتعامل مع من يشتبه بإصابته بالإنفلونزا المستجدة في المدرسة، وشدد على ضرورة تعاون المنزل مع المدرسة في توفير الوقاية اللازمة للطلاب، حيث تم التأكيد على مديري الإدارات بأهمية تفعيل سبل الوقاية من هذا الوباء في المنزل من خلال التواصل مع الأسر التي تقع في محيط المدرسة الجغرافي لتوسيع دائرة نشر المعلومات الصحية، ومساندة جهود المدرسة في الوقاية منه، مؤكدا أنه تم استكمال الاستعدادات وتجهيز المدارس بكافة المواد التوعوية واللوازم الوقائية، وتكليف منسق (مرشد صحي) بالمدرسة ليكون مسؤولا عن متابعة تنفيذ كافة الإجراءات. معالجة عاجلة للقصور من جانبه دفع وباء (إنفلونزا الخنازير) المسؤولين في وزارة التربية بالاهتمام الكبير ب(الصحة المدرسية) وجاء على لسان وزيرها اعتراف بالتقصير والإهمال ومطالبات بضرورة الاهتمام بصحة الطالب والطالبة، وعلى ضوء ذلك تولت وزارة الصحة الأسبوع الماضي تدريب 600 طبيب بالصحة المدرسية بمختلف المناطق، وحرصت على تعليمهم الاكتشاف المبكر للمرض والترصد الوبائي وطرق الإبلاغ ومكافحة العدوى، وذلك في ست مدن رئيسية هي الرياضوجدة والخبر والمدينة المنورة وأبها وبريدة، في إطار الخطة التنسيقية للوزارات الأربع (الصحة، التربية والتعليم، الثقافة والإعلام، والتعليم العالي). وأكد الدكتور خالد مرغلاني المتحدث الرسمي لوزارة الصحة أن وزارتي الصحة والتربية اختارتا أسلوب تدريب المدربين بحيث يكون المتدربون نواة لتدريب جميع كوادر الصحة المدرسية والمعلمين بكافة المناطق، حيث تم في بداية البرنامج تدريب الأطباء والطبيبات في الوحدات الصحية المدرسية بالمناطق والمحافظات حتى يدربوا ممثلي المدارس من المعلمين والمعلمات. وبين أن البرنامج التدريبي اشتمل على محاضرات علمية حول ما يجب معرفته عن الإنفلونزا المستجدة والأنشطة والإجراءات التي يجب اتباعها في المدارس لمواجهة هذا الوباء وطرق الوقاية والعلاج. مخاوف تبددها اللقاحات ويعتقد فهد العبدالله (وكيل مجمع متوسط – ثانوي في الرياض) تسجيل حالات غياب كبيرة تصل إلى 60 أو 70 في المئة خلال الأسبوع الأول للدراسة، موضحا أن الطلاب سيفضلون انتظار أشقائهم في المراحل الابتدائية للعودة بشكل كامل، وألمح إلى أن هذا الغياب مبرر ومتوقع وهو موضوع في الحسبان، حيث سيتولى المعلمون مهمة التوعية والتثقيف خلال الأسبوع الأول على أن تبدأ الدراسة فعليا في الأسبوع التالي. ويرى عبدالله الأسمري (معلم ابتدائي في جدة) أن الدورات التي تلقاها المعلمون كشفت كثيرا من الجوانب التي كانت تخفى عليهم، ملمحا إلى أن (إنفلونزا الخنازير) ليس بذلك الوباء المخيف، بالتالي مع إحكام السيطرة عليه والاهتمام بالنظافة العامة واتباع التعليمات يمكن الوقاية منه، وحتى في حال الإصابة هو ليس بذلك المرض الخطير الذي يؤدي للوفاة فورا، فيمكن التعافي منه بعد زيارة المستشفى وأخذ العلاج اللازم. فيما يختلف فهد الشويهن (معلم متوسطة في الدمام) مع الأسمري، ويعتقد أن وصول اللقاحات وإعطاءها الطلاب والطالبات من شأنه الحد من القلق الكبير الذي يساور المعلمين والطلاب وأولياء أمورهم، متمنيا أن يتم ذلك على وجه السرعة، وإلا فإن الخوف والقلق تجاه هذا الوباء الخطير سيمتدان طويلا.. وأضاف: «ما نخشاه هو إصابة الطلاب، ولو تم ذلك فإن الموسم الدراسي الجاري سيبوء بالفشل». ويشدد محمد الزهراني (ولي أمر ثلاثة طلاب) على أهمية الحفاظ على سلامة الطالب بالمدرسة وذلك بالاهتمام بالنظافة العامة في البيئة المدرسية والتوعية بشكل أكبر لأن الأطفال الصغار ليس بمقدورهم استيعاب الخطر الكبير الذي يشكله هذا الوباء على حياتهم، بالتالي يجب أن تتضافر الجهود حتى نتجاوز هذا المأزق.