باتت الإعلانات التلفزيونية تأخذ حيزا قد يفوق ساعات البث في العديد من القنوات الفضائية لربحيتها، ومع تطور التقنيات ظهر أسلوب آخر يعتبر مباشرا بالنسبة لسابقه يتمثل في محاولة جني الأرباح عن طريق رسائل sms التي هي الأخرى باتت تأخذ حيزا إضافيا على حساب البرامج المعروضة على الشاشة، وذلك بارتفاعها من أسفل الشاشة باتجاه أعلاها، ومن يدري قد يأتي اليوم الذي تصبح الشاشة بكاملها شريط رسائل، بينما البرنامج يبث في زاوية صغيرة على الشاشة، ولا أستغرب حصول ذلك طالما الاندفاع من بعض المشاهدين والمشاهدات لا يحده شيء حتى إن كانت القناة أو البرامج المعروضة تسخيفية، تجهل عندها درجة القوى العقلية المتوقعة لدى الناشطين في إرسال تلك الرسائل متسمرا في مكانه بالساعات “للتميلح” وبكل هذه السيولة التي لو صرفها في برنامج سياحي لكان ذلك أكثر فائدة ترويحية، وربما خرج من عزلته الاكتئابية التي فرضها على نفسه بمتابعة فلان أو فلانة عبر الشريط المتحرك. أحد الأصدقاء اتصل يسألني عن إعلان يطلب موظفين sms وقال إن الإعلان مذيل برقم هاتف نقال، بمعنى أن المعلن لا يملك حتى تلك اللحظة مكتبا مزودا بخدمة الفاكس على أقل تقدير لإرسال السير الذاتية من خلاله مع أنه يملك قناة أو يعرف أحدا يملكها، وربما الاحتمال الآخر أن الهاتف المتحرك بات أكثر غموضا في حال حاول أحدهم معرفة اسم الشركة ومدى جديتها أو حجمها في السوق قبل التقدم على وظيفة، أو لضمان عدم التلاعب باحتياج العاطلين للعمل، احتمالات كثيرة لو حاولنا إعمال إحسان الظن لتجاهلناها مؤقتا، ثم قال لي ما المطلوب في موظف الsms بصفتك مزعجنا ب(بربرتك) الانتقادية في الاستراحات عن سطحية وسخافة هذه الأشرطة؟ أجبته: وفق بعض القنوات ووفق الدلال الذي في الإعلان أعتقد أن الموظف المطلوب شخص يحتمل السذج والحمقى وحتى يتمتع بهذه المواصفات لا بد أن يكون حائزا نصيب الأسد من تلك الصفات. تذكرت شريط قناة فضائية كان لا يتحرك كثيرا إلا عندما تدخل “طفشانة” أو “بنت شيوخ” وتريد التعرف على شاب مملوح، ومن منا ليس مملوحا على الأقل في نظره بإيعاز من أمه الرؤوم، كما لا أنسى قناة أخرى كانت تحرك الشريط بعبارة: أنا أريد وضع أمي المسنة في دار العجزة دلوني على الطريقة مأجورين! لتنهال العواطف الناهية عن العقوق مثنى وثلاث ورباع وصولا لما شئتم من ملايين تستنزف من البسطاء من دون وجه حق، أو تلك القناة التي لا تتحرك إلا بدافع العصبية القبلية المقيتة.. باختصار، تعددت أشكال الاستغلال والضحية سعودي.