* فجأة.. أصدقاء المناصب يتدافعون على منزله، ارتفعت أصوات (الهواتف).. دعوات الزيارات والمناسبات ازدادت.. ابتسامات.. ترحيب.. انقلبت الأحوال.. خاف من (تغير) الحال.. تساءل: ماذا حدث؟.. جاءت الإجابة إشاعة بدأت تتداول لأنه مرشح لمنصب كبير، كلما اتسعت مساحة الإشاعة زادت الناس اتصالا وتوددا وتكريما مصلحيا. أحدهم كان يرد التحية بصعوبة من بعيد.. آخر لا يلتفت.. ربما يتحول إلى شارع جانبي.. كثيرون ألغوا من ذاكرتهم وهواتفهم اسمه ورقم هاتفه.. بعد الإشاعة حاولوا إعادة صياغة علاقتهم. منهم من يمد يده يسأل عن طول الغياب.. رغم أنه رآه بالأمس القريب.. البعض يقدم خدماته وحبه وتقديره.. تحول كل شيء.. شعر بالملل.. ابتعد.. تمنى ألا يعود.. كبرت الإشاعة.. اقتربت من الانفجار.. اختفت أصوات العصافير.. بحث عنها.. الإشاعة تكبر.. أصدقاء المصالح يتدفقون.. يتهافتون.. يلهثون! حين غادر وظيفته ترك خلفه الباحثين عن المصالح الخاصة، كان يحظى بترحيب وتكريم من هؤلاء وأولئك، جلس في منزله لم يزره إلا نفر قليل من الأصدقاء، خاصة القدامى منهم.. دعا البقية للقاء لكنهم يعتذرون. بعضهم لا يرد.. آخرون تحولت ابتسامتهم إلى باهتة بل صفراء.. قرأ.. مشى.. شاهد الجدران واللوحات المعلقة.. اقترب من أولاده أكثر.. أحس باختلاف الألوان.. استمتع بصوت العصافير.. فكر بهدوء.. حياة مريحة ممتعة.. كانت البداية صعبة.. لأن عمله الذي عاش فيه لسنوات طويلة تركه بلا مقدمات.. فقد الذين كان يأكل ويشرب معهم.. ويشاهدهم أكثر من أولاده وأهله وناسه.. مع الأيام تحول إلى شخص آخر يستمتع بيومه.. وكل من حوله.. تمنى ألا يعكر صفو ذلك قرار.. أو صوت قوي.. أو.. أو.. اختفاء أولئك الذين يلهثون خلف علاقات المصالح الخاصة. يقظة : للشيخ علي الطنطاوي “رحمه الله” لا عليكم مني يا أبنائي، لا تفكروا في ولا تحملوا همي، بل فكروا دائما في “مبادئي” التي علمتكم إياها، واذكروا في المستقبل أني كنت أستاذكم وأنكم أحببتموني وأحببتكم، ولا تحقدوا علي، أني كنت أحيانا أقسو عليكم أو أعاقبكم؛ فإنما كان ذلك لفائدتكم.