فطن أوائل المسلمين إلى مرض (الاكتئاب) وعرفوه منذ القدم باسم (الهم والوجد)، كما أطلق عليه بعضهم اسم (الوسواس والمانخوليا). ويرجع سبب الاكتئاب إلى إفراط في العمليات العقلية كالفكر، ويولد الإنسان بهزة نفسية رد فعل يظهر على شكل مرحلة اكتئاب، وقد تكون هذه الهزة جرحا عاطفيا أو فقدان العمل أو حزنا على فقدان عزيز أو مرضا خطيرا أو غير ذلك. أما حالات الاكتئاب داخلية المنشأ فقد اتفق على أنها تتولد نتيجة تغيرات كيميائية بيولوجية داخلية، وذلك على الرغم من أن أحدا لم يستطع تفسير آليات حدوث هذه التغيرات حتى الآن. لقد تمت إعادة تصنيف مراحل الاكتئاب أخيرا، لكن هذا التغيير لن يشكّل أهمية إلا لخبراء الإحصاء والباحثين، والغاية من ذكر ذلك هو أنه قد يوجد شخص في محيطك مصاب بالاكتئاب ومصنف حسب الطريقة القديمة لهذا المرض، الذي قد يتساءل عن اسم نوع الاكتئاب المصاب به حسب التصنيف الجديد له. والاكتئاب ليس كما يعتقد خطأ ظاهرة أمريكية أو غربية؛ بل إنه يصيب كافة المجتمعات، وينتشر فيها بنسب متفاوتة، ويتزايد داخل تلك المجتمعات من جيل إلى جيل، كما أن الاكتئاب أخذ يوسع من قاعدته الزمنية، بمعنى أن نسبة الإصابة به بدأت تنتشر الآن في الأعمار الصغيرة، وبدأنا نلاحظ في السنوات الأخيرة تعبيرات عن وجود ما يسمى ب(اكتئاب الأطفال). إن المرء ليس بحاجة إلى مزيد من الدلائل على صدق وصفنا عصرنا الحالي بأنه عصر الاكتئاب النفسي، وذلك بما أطلق عليه في الماضي (عصر القلق)، وهو الفترة التي سبقت وصاحبت ثم تلت الحرب العالمية الثانية.