اكتظت مراكز التجميل النسائية (المشاغل) خلال أيام العيد بأعداد هائلة من النسوة الطامحات إلى تغيير (اللوك)؛ للظفر بطلّة بهيّة في هذه المناسبة السعيدة، حيث يعد هذا المطلب من المسلّمات، بل يتربع على عرش الأولويات لدى السواد الأعظم من السيدات على اختلاف شرائحهن العمرية، ولا غرابة في أن تزدحم المشاغل بالسيدات لتصل نسبة الإشغال فيها إلى 80 في المئة زيادة عن غيرها من الأيام. ودعا ذلك الازدحام إلى أن تبادر بعض عاملات هذه المشاغل إلى نفي وجود فارق في الأسعار بين هذه الفترة الذهبية لهذا القطاع وغيرها من فترات السنة، في حين تؤكد بعض النساء والفتيات أن الاستغلال هو السمة الغالبة لدى كثير من المشاغل في هذا الموسم. إقبال كبير ترى رنا، كوافيرة وصاحبة مشغل نسائي، أن وجود المشاغل النسائية مهم جدا لإبراز جمال المرأة والفتاة، وتقول: “منذ دخول شهر رمضان المبارك وحتى صباح يوم العيد والمشغل يكتظ بالزبونات من الأعمار كافة بنسبة 80 في المئة؛ حيث إن كثيرا من النساء والفتيات اعتدن على تغيير أشكالهن عن طريق قص الشعر وصبغه للتجمل، إما للزوج أو الأقارب بمناسبة عيد الفطر المبارك”. وتواصل قائلة: “هناك فن للتعامل مع الناس، وأنا أستخدمه في التعامل مع زبوناتي بكل أمانة ومصداقية، ولا أستغلهن في هذا الموسم برفع الأسعار كما يفعل غيري، وأحرص دائما على أن أقوم بعمل خصم خاص لزبوناتي الدائمات؛ على الرغم من أنني أواجه مشكلة ارتفاع الإيجار التي أصبحت تشكل لي هاجسا يؤرقني”. وتتعجب أم ديمة من الازدحام على المشاغل النسائية خلال فترة ما قبل العيد وبعده، على الرغم من وجود مشغل بجوار كل زاوية وشارع وحي، ويكاد كل مشغل أن يتلاصق بالآخر في الشارع الواحد. وتقول: “اعتدت على الذهاب إلى المشغل قبل العيد بأسبوع تقريبا؛ كي لا أصادف الزحمة المميتة التي تؤدي إلى الاختناق لعدم توفر الأوكسجين! حيث إن مساحة معظم المشاغل صغيرة جدا وغالبية الزبونات لا يجدن مكانا ولا مقعدا يجلسن عليه؛ ما يضطر بعضهن إلى الوقوف والانتظار لمدة تصل إلى ستة ساعات!”. وتؤكد منى، كوافيرة تعمل من منزلها، أن المشاغل التي يتوقف حالها وتتردى خدماتها هي التي تقدم عروضا خلال فترة العيد، وتقول: “المشاغل المتميزة في خدماتها تبقى على خطاها ولا تغير أسعارها في العيد، وهذه الفترة بالذات تعد فترة ذهبية، حيث إن نسبة الربح تزداد وتتضاعف ب50 في المئة وربما أكثر”. وأضافت: “هناك من يستغل النساء بلا ضمير في هذا الموسم برفع الأسعار، مع تقديم خدمات متدنية. وأحيانا تأتيني زبونات يشتكين من عدم نظافة العاملات في المشاغل؛ لأنهن لا يقمن بغسل المواد المستخدمة أو تعقيمها؛ ما يتسبب بأمراض في الشعر والبشرة؛ وبحكم الغلاء؛ فإن من النساء من أصبحت تبحث عن الأرخص بشكل عشوائي؛ ومن ثم يحصلن على خدمة متدنية جدا ويندمن بعد ذلك”. كوافيرة منزلية أما منال عبدالعزيز فإنها لا تفضل الذهاب إلى المشاغل النسائية بعد أن كثر انتشار الصور والأفلام لفتيات وسيدات على الإنترنت من دون علمهن؛ وتقول: “ذكرت معظم الصحف المحلية أخبارا عن ضبط كاميرات في مشاغل نسائية وضعها أصحاب النفوس الضعيفة لتصوير الزبونات؛ لذا من باب الحيطة والحذر قمت أنا وأخواتي بجلب إحدى الكوافيرات إلى منزلنا خلال فترة العيد، وغيرها من المناسبات الأخرى لتغيير هيئتنا، أيا كان المبلغ الذي تطلبه منا الكوافيرة؛ حتى لا نقع في فخ المشاغل التي تتلاعب بأعراضنا وشرفنا”. وتذكر ناهد الثويني، كوافيرة وصاحبة مشغل نسائي، أن موسم الإجازات يكثر به العمل أكثر من بقية الأيام الأخرى. وتقول: “يزداد الإقبال والازدحام على المشغل في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، خاصة ليلة العيد؛ وبعض الزبونات يقضين صباح يوم العيد لدي في المشغل؛ لذا فإننا نعاني الازدحام ونواجه ضغوطا كثيرة من ناحية العمل لإرضاء الزبونة؛ فالجهد والأرباح تتضاعف خلال هذا اليوم؛ ومع ذلك فإني أواجه مشكلات عدة، منها جشع أصحاب العقار؛ حيث إن صاحب المحل خلال شهر رفع الإيجار خمسة آلاف ريال، على الرغم من أنني أنفقت على المحل 60 ألفا للصيانة والصبغ والديكور والأثاث وغيره؛ أما المشكلة الأهم فهي أنني أقوم بتدريب فتيات سعوديات وأجنبيات وبعد العيد يطالبن برفع أجورهن، على الرغم أن مدة عملهن لا تزيد على الشهر، وإذا رفضت يخيرونني إما الدفع أو الانسحاب والبحث عن مشغل آخر”. لا للاستغلال من جانبها نفت ميرنا، مصففة شعر، أن تكون هناك مبالغة في الأسعار على الخدمات المقدمة في موسم العيد؛ عوضا عن بقية أيام السنة، مؤكدة ثباتها بقولها: “لم تكن هناك زيادة في الأسعار عن المعتاد، بل أخذت صفة الثبات والاعتيادية ومطابقتها للأيام الأخرى”. لافتة إلى أن ارتفاع معدل الإقبال على المشاغل النسائية في هذه الفترة يزيد بما نسبته 70 إلى 80 في المئة لتقل هذه النسبة في الأيام الأولى من العيد، حيث يقتصر الإقبال على من لديها مناسبة كالزواج أو الخطوبة، وتشتمل الخدمات المقدمة خلال موسم العيد على الخدمات كافة ذات الصلة بتغيير اللوك، من قص الشعر وصبغة وتنظيف بشرة، إضافة إلى الحف. مشيرة إلى عدم جدوى تقديم عروض في هذه الفترة التي تعد حيوية بالنسبة إلى المركز والاستعاضة بتقديمها بعد انقضاء الإجازة، منبهة إلى أن تزامن الإجازة الصيفية مع شهر رمضان عاد بالإيجاب على حجم الإقبال، إلى جانب عدم تأثر السيدات عادة بغلاء الأسعار في مجال التجميل على وجه الخصوص. وتتفق مي دريرش، اختصاصية بشرة وجسم، على ارتفاع معدل الإقبال لدى السيدات على المشاغل لتصل النسبة إلى 75 في المئة عن بقية أيام السنة. وتضيف: “عدد الساعات التي أقضيها داخل المشغل تصل إلى 12 ساعة خلال هذه الفترة التي تعد موسما حقيقيا لهذا القطاع”. مستعرضة أبرز الخدمات التي تقبل عليها السيدات خلال هذه الفترة، حيث تتضمن برامج العناية بالشعر، قصا، صبغة، تمليسا، علاجا للشعر، إلى جانب برامج العناية بالجسم، لافتة إلى أن فترة الإقبال تشتد في الأيام الأخيرة من رمضان، وتقل عنها في الأيام الأولى من العيد. السمعة والصيت لم يعد ارتياد المشغل النسائي هو الشغل الشاغل لدى السيدات، بل واكبته تصنيفات لهذه المشاغل تحدد معها نسبة الإقبال عليها، حيث ترى ابتسام الفهد أن إقبال السيدات على المراكز ذات السمعة والصيت يعد كبيرا عوضا عن غيرها من المراكز المغمورة، سواء في هذه الأيام أو غيرها. وأضافت: “هناك ولع واضح عند المرأة بالمفاخرة أمام قريناتها بارتيادها صالونات تتميز بغلاء أسعارها وفخامة ديكوراتها، حتى إن كانت تفتقر إلى الجودة في العمل؛ فالأمر لا يعد سوى وجاهة اجتماعية”. وعن أبرز الخدمات التي تجتمع النسوة على الاستفادة منها خلال موسم العيد قالت ابتسام: “لا شك أن تغيير اللوك يعد الأولوية الكبرى لدى السيدات خلال هذه الفترة، وأرى أن الغالبية تسير نحو قص الشعر والصبغات وتغيير شكل الحواجب؛ لما له من تأثير في الشكل العام للسيدة”. وتؤكد آلاء الزهراني، أن ارتفاع الأسعار في الصالونات النسائية في المنطقة الشرقية بالتحديد يضاهي غيره من المناطق، لافتة إلى الاستغلال الكبير من قبل أرباب هذه المراكز لمناسبة العيد، مشيرة إلى أن ارتفاع الأسعار يصل إلى 100 في المئة في بعضها و50 في المئة في بعضها الآخر. وتابعت بقولها: “لم يترك لي خيار آخر، فإذا كنت أبحث عن الجودة والإتقان والدقة؛ فسأدفع مبالغ كبيرة وذلك بسبب عدم وجود تسعيرة ثابتة أو مؤشر للأسعار يختص بهذا القطاع؛ فالأمر عائد إلى مزاج صاحبة الصالون”. صعوبات التشغيل وبدورها أوضحت تغريد غزالة، مستثمرة في قطاع المشاغل، أن الربع الأخير من شهر رمضان شهد إقبالا كبيرا من قبل السيدات، غير أنها أكدت قلة ارتياد السيدات هذه السنة بشكل عام، مقارنة بالسنة الماضية؛ وذلك للإجازة والسفر، حيث إن عميلاتها ينتمين إلى الطبقة فوق المتوسطة على حد وصفها. وقالت غزالة: “إن المنافسة الكبيرة مع عدد المشاغل الكبيرة يعد من الصعوبات التي تواجه المستثمر في هذا القطاع، في ظل استقطاب منتجات من الخارج؛ سعيا إلى مواكبة مراكز التجميل الخارجية التي تعنى بالتميز والجودة”. وتضيف: “المشكلات والمعوقات كثيرة في هذا القطاع، سواء مع مكتب العمل أو مع السعودة، فما إن أنتهي من تدريب سعودية إلا وتترك المشغل، بعد أن خسرت وقتي وجهدي في تدريبها، إلى جانب العمالة غير المدربة؛ ما يدفعني إلى مباشرة أعمالي بنفسي”.