عشوائية وفوضى عامة “شمس” تجولت بين الأزقة الضيقة لحراج ابن قاسم، المتخصص في هذا النوع من الملابس العشوائية في كل شيء.. أكوام من الملابس ملقاة على الأرض، صناديق مكشوفة، عمالة مجهولة، الفوضى في كل مكان، ومتسوقون خلف أكوام الملابس يبحثون عما يناسبهم. يقول كثيرون ممن التقتهم “شمس” في السوق: “إن الفوضى بسبب وجود عمالة تدير أسطول تجارة هذه الملابس؛ فالمستودعات ليست مهيأة تماما، وأبسط أدوات السلامة غير موجودة، حيث يصبح الخطر قاب قوسين من صحة المواطن، وتتراوح سعر إيجار تلك المحال ما بين ألفي و2700 ريال سنويا، ويعتبر الحراج هو المكان الوحيد في الرياض المتخصص في بيع الملابس المستخدمة، ويشهد قبيل العيد إقبال الكثير من الأسر السعودية الفقيرة والجاليات الأجنبية الأخرى”. ما باليد حيلة قاسم الكعبي يعتبر الملابس المستعملة هي الحل الوحيد لكثير من الأسر محدودة الدخل، وأشار إلى أنه لا يملك من حطام الدنيا شيئا، متسائلا عن الحل الآخر الذي يفرح به أولاده، وقال: “لا يدخل عليّ في الشهر سوى إعانة الضمان الاجتماعي، التي لا تكفي المصاريف الأساسية للمنزل، من الكهرباء والمواد الغذائية والعلاج”، وفي عَبرة من حزن أضاف: “الكل يعلم أن الملابس المستعملة قد تكون معرضة لكثير من الأمراض المعدية، لكنها حلنا الوحيد أو يفقد الأطفال فرحتهم بالعيد، وأسعار المستعمل في السوق مناسبة جدا لحالتنا المادية، وتختلف كثيرا عن الأسواق الأخرى، فنحن نشتري الثوب بعشرة ريالات، بينما في السوق يفوق 100 ريال، وأبنائي يتمنون الثياب الجديدة، لكن ليس باليد حيلة، فمنذ سنوات ونحن نرتاد هذه السوق”. ماركات مستهلكة والخيار للمشتري وقالت (ن ب): “أتيت إلى هذه السوق؛ إذ لدينا أنا وصديقاتي احتفال في اليوم الثاني من العيد، ولم تكن المادة متوافرة لدينا فحرصت على الظهور أمامهم بشكل لائق وبماركات معروفة”، وأضافت: “إن الذي دفعني إلى ذلك قلة المادة التي لا تكفي لشراء ملابس جديدة”. وأثناء تجوالنا شاهدنا رجلا يشتري ملابس لأبنائه الذين بدا على وجوههم الحزن من الملابس المستعملة، وتحدث الرجل، الذي رفض ذكر اسمه، قائلا: “ليس الفقر ما دفعني إلى شراء الملابس المستعملة، لكن التوفير على الميزانية”، مؤكدا في الوقت نفسه أنه يملك الكثير من المال”. وقال أحمد ذاكر، صاحب محل ملابس بنجالي: “يتم جلب الملابس من الجمعيات الخيرية والمساجد التي تجمع الملابس في صناديق ومن مغاسل الملابس وغيرها من الطرق”، وهي غالبا تكون ملابس زائدة عن احتياج بعض الأسر وأحيانا من متعلقات الموتى، وأضاف: “الغسيل لا يكون جيدا بسبب كثرة الملابس واختلاف ألوانها وتكلفتها الكبيرة على صاحب المحل، وغالبا ما يكون الخيار لدى المشتري، فسعر الملابس التي غسلت أعلى من سعر التي لم تغسل”، وقال: “تختلف قيمة الملابس عن الأخرى في نوعية الخامة وطريقة الجلب، حيث يفوق سعر (الديّانا) للملابس التي تجلب من شمال الرياض غالبا عشرة آلاف ريال، والملابس التي تكون من الأحياء المتوسطة تتراوح بين أربعة وخمسة آلاف ريال ل(الديّانا) الواحدة”. وقال المواطن إبراهيم حسن الذي جلب أبناءه إلى سوق حراج ابن قاسم: “إن السوق تُعرَف بالرخص، وهذا أجبرني على المجيء من حي النسيم، حيث اشتري كل ما يناسب العائلة بأقل الأسعار لأن الظروف لا تسمح بشراء الملابس الجديدة.