يعد الداعية طلال بن فالح الدوسري من الخطباء الذين كانوا مستهدفين إبان فترة الصحوة التي أثرت في عدد كبير من الشباب في ذلك الوقت، الدوسري الذي خفت بريقه قليلا بعد ظهور الفضائيات التي حمّلها السبب المباشر في التأثير على المحاضرات التقليدية في المساجد. مع أن هذه الفضائيات تعتمد اعتمادا كبيرا على المحاضرات أو الملتقيات. لم يخف الشيخ حزنه من بعض المواقف التي حصلت له، وهو يمني النفس بعودة الأيام الخوالي، ليسعد برؤية الدعاة القريبين من قلبه، الذين أفصح لشمس” عن أسمائهم.. نترككم مع أبرز مع ما جاء في الحوار: * بداية.. ما معاني الشهر لديك؟ شهر رمضان يعني لأهل الإسلام كلهم أن صيامه ركن عظيم من أركان الإسلام، وهو بالتأكيد يعني لي الكثير، فهو شهر الخير والبر والإحسان، وكل ما هو خير، فمن هذا المنطلق يجب علينا أن نكون له خير مضيفين، وحري بشهر فيه مثل هذه الخيرات أن يعتنى به. * لو تحدثنا عن عبادات حرصت عليها خلال الشهر؟ شهر رمضان يفرض علينا زيادة الإيمان، رغما عنا؛ لأن في هذا الشهر يكون تصفيد الشياطين، وسأعطيك مثالا في مسجدنا هذا، الصوُّام كثر ولله الحمد، يفطر يوميا 200 إلى 250 شخصا على نفقة صاحب المسجد، هذا يدل على الخير الذي يكون الناس مجبولين عليه، لكن الإسهام في تفطير الصائمين من الأشياء التي أحرص عليها، كما أن صلة الرحم مهمة سواء في رمضان وغيره، وإن كنت مقلا في هذا، لكن ما أحرص عليه، هو الالتقاء بالمحبين، وغالبا ما يدور الحديث حول المباحات والتذكير، وتفسير آي القرآن، ولا يسيطر على المجلس نوع معين من الأحاديث. * وماذا عن شخصيتك التي تظهر من خلال المحاضرات والخطب؟!.. هل هي نفسها التي تكون حاضرة في الأحاديث الخاصة؟ هذا الكلام سئلت عنه كثيرا، لكن لكل مقام مقال، والله عز وجل قد علم كل أناس مشربهم، وأنا وجدت مجالي في الوعظ، لكن إذا كنت في مجلس أخوي حِبي، فبالتأكيد سأختلف تماما، فالرسول صلى الله عليه وسلم، وهو أوعظ الناس، ومع ذلك داعب الحسن والحسين، وصارع ركانة، وسابق عائشة، وفي الحقيقة سؤالك مكرر، وهذا ما أدعو له ألا يغفل مجالات أخرى، وأن يكون لديه شمولية في دعوته، وقد تنفع معه القصيدة أو النكتة أو الابتسامة، والناس أجناس. * هل تكتب الشعر؟ أحب الشعر، ولأني أحب الدعوة أكثر منه فلا أحرص عليه، وقديما كنت أكتبه، وأحفظه وأردده، ويأسرني الجميل منه، لكني كما قلت لك توقفت عن كتابته؛ حتى لا يشغلني عن الطاعة وعن القرآن. * لو سألناك عن أبيات ترددها وتمثل لديك قيمة؟ قول الشاعر: إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى وأبصرت يوم الحشر من قد تزودا ندمت على ألا تكون كمثله وأنك لم ترصد كما كان أرصدا وبيت لابن حميد يرحمه الله: وخير منها ركعتين بالأسحار لا طاب نوم اللي حياته خسارة وبيت بتلا بنت ابن فليعة: واللي يهون عذلها من ميلها سيورها تفنى ولا عاد يبقاش وهذه من الأبيات التي أعجبت الملك عبدالعزيز، وأنا يأسرني الكلام الجميل سواء الشعر أو النثر، لكن لا شك أن الشعر أبلغ، وهو حسنه حسن وقبيحه قبيح. * لو تحدثنا عن علاقتك بالدعاة.. كيف هي؟ حقيقة أشكو إلى الله تقصيري في الارتباط بإخواني من الدعاة، ممن كنا نراهم باستمرار، منهم: الدكتور ناصر العمر والدكتور عائض القرني، والشيخ عبدالعزيز الوهيبي الله يرحمه كان صديقا وحبيبا قريبا مني جدا، لكن التقصير وكثرة أبنائنا، ومشاغلنا الخاصة والدعوية.. لكن الذين ذكرت لك هم من المقربين إلى قلبي، وأتمنى أن يكون اليوم الذي نكون فيه قريبين منهم. * ألم تكن لك علاقة بالشيخ ابن باز يرحمه الله؟ الشيخ ابن باز يرحمه الله ألبسني تاجا، وهو تلبيته لزيارتي، وعملت له مأدبة عشاء، هو وعدد من طلاب العلم والعلماء، وصحيح أنني لم أتتلمذ على يديه، لكني كنت مداوما على الحضور في ليلة الجمعة في الجامع الكبير، وكنت حريصا على أن أحضر مجلس الشيخ بعد الجمعة، وحقيقة من الفخر أن أكون من طلاب الشيخ، لكني لست ممن يتشبع بما يُعطَى. * ظواهر مزعجة تزعجك أثناء شهر رمضان؟ من المؤسف والمخجل أننا في رمضان نهيئ أنفسنا لجميع الأصناف من الأكل، لكننا لم نهيئ أنفسنا لفعل الطاعات، وجميع العبادات، مثلا تجده في صلة الأرحام، وقلبه أسود، ولا يقرأ القرآن، ويصلي الصلاة، ولا يحرص على التراويح، وتجده يحافظ على صلاة المغرب، ولا يحافظ على صلاة الفجر، يكون الإنسان مذبذبا، ولا يعمل الصالحات، والمهم أن يهتم بطعامه كما لو كان اهتمامه بدينه، ولو مات جائعا أو عريانا لما كانت مشكلته، لكن المصيبة أن يكون جائعا من الإيمان، وعريانا من لباس التقوى. * لو سألناك عن وجبتك الرمضانية المفضلة؟ أحب الشوربة، لكني أحاول أن أطبق حمية، والحمد لله نقصت عشرة كيلوجرامات، ومن يعرفني يلحظ ذلك عليَّ. * نحن الآن في العشر الأواخر، وربما من الأشياء المزعجة تغافل الناس وذهابهم إلى الأسواق أثناءها؟ من باب التحدث بنعمة الله، والحمد لله أنني أعطيت أبنائي مصروفهم ليشتروا ما يريدون من ألبسة في الأيام الأولى من رمضان، ولولا خشيتي من تغير آراء البنات، لأعطيتهن إياها من شعبان وطلبت منهن أن يشترينها فيه، وكل هذا لأجل ألا ينشغلن بالبيع والشراء في أيام العشر الأواخر، وسبحان الله، الناس لا يحلو لها ذلك إلا في هذه العشر، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أقبلت العشر، شد المئزر، وأقبل إلى الصلاة والعبادة، وربما اعتكف، لكن نحن للأسف يكون العكس. * هل من مواقف مؤثرة لك في رمضان؟ والله يا أخي، قبل أيام ذهبت لزيارة زميل لي، في مدينة جدة، ذهبت مساء وعدت بعد الفجر، لأزوره في المستشفى، وعندما رأيته على السرير الأبيض، بكينا أنا وهو، لأن المرض أجلسه رغم أنفه، وأسأل الله أن يشفيه ويعافيه، وأدعو القراء أن يدعو له؛ لأنه عزيز عليّ. * ما أثر المبادرة بالطاعات، خاصة ونحن على مشارف رمضان؟ قالها النبي صلى الله عليه وسلم: “هل تنتظرون إلا فقرا منسيا أو غنى مطغيا أو هرما مفندا، أو مرضا مفسدا”. وسبحان الله... المبادرة بالطاعات تجعل الإنسان يحسّ أنه فعلا شيء ذو قيمة، ولو أنهكه المرض والله عز وجل يكتب له ما كان يفعله وهو صحيح معافى، فالمبادرة بالطاعات مهمة. * أنت مقل من المحاضرات.. لماذا؟ أحاضر بشكل مستمر، ولله الحمد، وإن كان الطلب على المحاضرات، ذبحته وسائل الإعلام، وأصبحت المحاضرات تعاني ظهور الداعية المتكرر في قنوات المجد أو روائع أو بداية، أو غيرها، على حساب المحاضرات، التي يكون حضوره فيها قليلا. * إذن القنوات (أكلت الجو) عليكم؟ ليس هكذا، فنحن مشاركون فيها، لكن كثرتها، وغياب المحاضرات بسببها ما أقصده، وأرجو ألا يفهم أنني ضد كثرتها، لكني مع ما ينفع، وضد ما لا ينفع، وأرجو ألا تكون كثرتها على حساب الكيف، وإن كان الكم يحث على التنافس وإلى التطور والتمايز، ومع ذلك أتمنى أن تبرز قنوات إسلامية لها حضور دعوي مناسب، يجذب الجمهور العريض. * كلمة أخيرة؟ أشكرك شخصيا، وأشكر المصور الأخ صالح، ولكم مني جزيل الشكر.