.. لم يكن سيد الخلق عليه أفضل الصلاة وأكمل التسليم.. يمثّل أعظم شخصيات التاريخ لدى المسلمين فقط.. فهو كذلك وفوق ذلك.. لكن جموعا كثيرة من كبار المفكرين.. والأدباء.. والكتاب.. والعباقرة.. من ديانات مختلفة.. كتبوا عن النبي (محمد) ربما بأكثر مما كتب عنه في المكتبة الإسلامية.. نستعرض هنا بشكل يومي أهم وأبرز ما كُتِب عن شخصية الرسول العظيم.. عبْر عرض موجز لهذه الكتب.. ونقدم اليوم كتاب (الإسلام دين التسامح)للمستشرقة الألمانية زيجريد هونكة. في مقدمة كتابها “الإسلام دين التسامح” تقول المستشرقة الألمانية الشهيرة زيجريد هونكه: “إن التاريخ يشهد بأن النبيّ مُحمّداً – فقط - الذي نجح في إنشاء مجتمع قوي مثالي، يُظلّه ويحكمه النظام الإلهي الأسمى.. وما ذلك إلا لأنّ المشروع الإسلامي هو محاولة لخلاص التاريخ من الانحطاط والفوضى، فالجهد السياسي الذي اضطلع به النبيّ مُحمّد هو أمر وتكليف من السماء.. حتى الغزوات العسكرية التي خاضها الرسول إنما كانت في حقيقتها دفاعا عن السلام، ورغبة في التغيير الاجتماعي وتهذيب البشرية من أدران الوثنية ومفاسدها”. سماحة الرسول: وتحت عنوان (سماحة محمد مع الأعداء) تقول هونكه: “لقد بلغ محمد بخلق التسامح مبلغا لم تعرف الدنيا له مثيلا، فللنظر إلى تسامحه مع خصومه وألدّ أعدائه، فقد أطلق سراح أسراهم (يوم بدر)! وعفا عنهم جميعا (يوم فتح مكة) وقال: “اذهبوا فأنتم الطلقاء”. ثم دعا لهم فقال: “اللهمّ اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون”! وعندما طلب منه أصحابه أن يدعو على المشركين، عندما اشتدّ بهم الأذى، نراه يقول لهم: “إنّي لم أُبعث لعّانا، وإنما بُعثتُ رحمة”. ترقية العقول تتحدث هونكه عن أثر الإسلام في العالم، وما أحدثه من تغيير جذري في أخلاق الناس وتفكيرهم، فتقول عن النبي: “كانت وظيفته ترقية عقول البشر، وإن الفكرة الدينية الإسلامية أحدثت رقيا كبيرا جدا في العالم، وخلّصت العقل الإنساني من قيوده الثقيلة التي كانت تأْسِرهُ حول الهياكل بين يدي الكُهّان. ولقد توصل مُحمّد بمحوه كل صورة في المعابد وإبطاله كل تمثيل لذات الخالق المطلق، إلى تخليص الفكر الإنساني من عقيدة التجسيد الغليظة”. وتحت عنوان (رسول المحبة) تؤكد المستشرقة الألمانية أن “من يتتبع سيرة النبيّ مُحمّد في أقواله وأفعاله يحدوه السرور والتفاؤل، ويملأه الأمل، وتظلله السعادة والبهجة من كل جانب.. مما يجعلك مُحبا لكل شيء حولك من الإنسان والحيوان والنبات حتى الجماد.. فيدعو إلى أن تحب الربّ الرحيم، وأن تحب الملائكة والرسل، وتحب الإنسانية جميعا، بل تحب الحياة وما فيها. أساس الدولة يذكر أن كتاب (سماحة دين محمد) يكشف عن ثقافة المستشرقة “زيجريد هونكه” فضلا عن موضوعيتها المنهجية وحيادها العلمي، فهي تعترف قائلة: “النبي مُحمّد وضع أُسس الدولة الحديثة، فهي ليست دينية.. بل مدنية، مرجعيتها الشريعة الإسلامية، دولة مدنية يحكمها مدنيون لا كهنة. لأنّ الإسلام في مجمله عقيدة وشريعة، فهو ليس عقيدة لاهوتية، بل منهج شامل جاء ينظّم حياة الناس في جوانبها الروحية والمادية”.