اكتسب اسم الشيخ مسعود بن سعد الغامدي شهرة كبيرة، لأنه من الوجوه الإعلامية الأكثر ظهورا في القنوات الإسلامية، ومن أقدم المذيعين الذين بدؤوا حياتهم مع الإعلام المرئي منذ وقت مبكر.. الغامدي تحدث عن ذكرياته الرمضانية، عارضا مقارنة بيين حياة الماضي والحاضر، وكيف أن القرية أو الريف لا يزالان يسيطران على وجدانه، حيث يرى رمضان القرية أكثر جمالا وبهاء، ويتمنى أن تعود به الأيام، ليتذكر تلك الأيام الخوالي، التي مضت عليها سنون كثيرة، وفي هذا الحوار كشف ضيفنا عن أصدقائه المقربين، الذين يعتز بصداقتهم والقرب منهم، وكيف أن العسكرية جعلت منه شخصية رياضية لا تتوانى عن ممارستها حتى في أضيق الظروف.. حديثه الماتع الذي انساب من خلال عبارته السلسة كما هي روحه الطيبة، التي يلحظها كل من اقترب منه بشكل أكبر.. فإلى الحوار: *ماذا يعني لك رمضان وقد انفرط عقده؟ - رمضان يمثل لنا لذة الحياة، وهو يمثل معنى خاصا لكل مسلم، ولعل روحانية رمضان تجذبك من قبل حلوله، والاشتياق إليه أمر أنا معتاد عليه بشكل دائم، فأظل في شهر شعبان وما قبله وكأني أعد الأيام شوقا إليه، وهو ضيف حبيب إلى النفس، لما فيه من أجر عظيم، وانتشار المودة والألفة، والناس تتحسن أخلاقهم فيه، وهو مدرسة لمن أراد في الصبر والتسامح، والشعور بالضعفاء والمساكين، من كل المسلمين. * الحياة الرمضانية كيف يمكن تصورها في مراحلها المختلفة؟ - في الطفولة وحين يمر علينا رمضان، نتذكر أن التواصل بيننا كان أكبر وأكثر حميمية، ورمضان له ذكرى جميلة لدينا، وحقيقة ما من أحد إلا وله ذكرى مع هذا الشهر وأنا أحد هؤلاء، خاصة عندما يكون كبيرا في السن مثلي، وكما قلت لك إن القرية تكون الحياة فيها أجمل، وأكثر بساطة وأكثر ألفة ومحبة ووئاما؛ فأذكر أننا عندما كنا صغارا، كانت موائد جيراننا كما لو كانت هي مائدة بيتنا، فندخل دون طرق للباب، ونجلس مع الجيران على سفرتهم، ويكون الترحيب، مستقبلا لك عند دخولك لأي بيت وهو أمر يصعب وجوده في المدينة. * ماذا يميزه عن المدينة؟ - البساطة وعدم التعقيد، هو أهم ما يميز القرية، ولو أردت أن أعقد مقارنة تجد أننا كنا في رمضان بالنسبة لنا كقرية صغيرة تقتات على أجزاء قليلة من الطعام، ولكن البركة تكون متوفرة فيه، كما أن المائدة تكون متشابهة، فلا تجد أصناف الطعام الموجودة اليوم، كما أن رمضان القرية تكون الناس متقاربة فيه أكثر من المدينة، التي ربما يمر عليك أكثر من رمضان، ولا تعرف جارك وجارك لا يعرفك، والتواصل بين أهل الريف أكثر ترابطا، وهم أقرب إلى الجمال في سمو الأخلاق، وأنا أحاول بين فترة وأخرى أن أستعيد جزءا من ذكرياتي مع القرية. * لو قلنا ما أبرز الذكريات التي مرت بك؟ بالتأكيد أن الصوم بالنسبة لنا كان مثل أكثر الأطفال في كل وقت، لكن ما كان يميزنا إفطارنا، أننا كنا نستعين بالأشجار الطبيعية، والتي تنتشر في الطرقات التي تشق أراضي قريتنا الصغيرة، فعندما تتدلى عناقيد العنب تصبح أكثر إغراء ونحن في سن صغيرة، فتجدنا نقطف بعضه ليسد رمق جوعنا، ولا بأس باقتطاع أعداد من التين الشوكي، أو الفواكه الأخرى التي تكون وجبة مفضلة، خاصة مع عدم وجود المحال التجارية كما اليوم، وعندما نعود إلى المنزل نمارس خداع الأهل بادعائنا استمرار صومنا حتى اللحظة، وهو الأمر الذي لا ينطلي على العائلة، لكنها كانت تمررها بشكل سلس، مراعية مرحلة العمر وطبيعة الطفولة. * لو سألناك عن برنامجك اليومي باختصار؟ - بالنسبة لجدولي اليومي ليس فيه شيء مميز، فهو كما هو لأي شخص آخر، فالنوم ليلا يعد أمرا مهما بالنسبة لي، ولا أفرط فيه أبدا، وأستيقظ للسحور، ومن ثم صلاة الفجر، لأقرأ بعضا من الآيات القرآنية، وأعود إلى النوم لمدة ساعتين أو ثلاث، لأستيقظ قبل الظهر، وأستعد للصلاة، وغالبا أذهب بعد الصلاة لشراء حاجيات المنزل، وأعود للبقاء في المنزل، أما بعد العصر، فأكون في المسجد حتى تقترب صلاة المغرب، ويكون الإفطار في البيت، وأحاول بشكل مستمر أن أدعو الأقارب للإفطار عندي، وكذلك الأبناء، وأحرص على جمع الفرقاء في رمضان، فهي فرصة لعودتهم إلى التصافي والتآخي مرة أخرى، وكثيرا ما نجحت، ثم أصلي المغرب، وأستعد للعشاء الذي عادة ما يكون بعده برنامج تلفزيوني في أي قناة من القنوات التي أتعاون معها، وبعد التراويح أنطلق للبرنامج، وهذا هو برنامجي. * لو تحدثنا عن أبرز ما يميز مائدتك من وجبات تحرص عليها؟ - حقيقة أقولها إنني لا أحرص على نوع معين من الأطعمة، وروتين الإفطار، هو اللبن والتمر، والسمبوسة، والماء بالتأكيد، وأنا ليس لدي بروتوكول خاص في الوجبات، هذه سفرتي في المنزل، أما لو كنت معزوما عند آخرين فبالتأكيد أن السفرة تتغير. * هل تمارس نوعا من الرياضة، حيث يبدو عليك حرصك على الوزن؟ - نعم أنا أمارس الرياضة بشكل يومي، وهي رياضة من نوع خاص، ولأنني عسكري أصلا فالرياضة تعد أمرا طبيعيا بالنسبة إليّ، وأنا محافظ عليها بشكل يومي، ولا أنقطع عنها أبدا سواء كنت في المنزل أو مسافرا، وأمارسها في الفندق، أو أي مكان متاح، لأنها لا تتطلب وجود مساحة، بقي أن أقول لك إن هذه الرياضة هي التمارين السويدية، وأمارسها سواء في رمضان، أو غيره، وإذا تيسر لي أن تكون نموذجية كالمشي وغيره، فأنا أقوم بذلك. * النظام العسكري هل تسلل إلى حياتك الخاصة، صبغها بهذا النظام؟ - لا ولله الحمد، وإن كنت أُعَدُّ عسكريا لينا، وهذا معروف عني مذ كنت على رأس العمل، ويشهد لي بذلك كل من زاملتهم، وحتى إنني أجد لوما وعتابا كبيرين ليس بسبب شدتي وقسوتي، وإنما بسبب تساهلي وليني. * لو تحدثنا عن أبرز زملائك من المشايخ وأقربهم إلى قلبك؟ - حقيقة أنا أقف مع الدعاة والمشايخ على مسافة واحدة، وإن كان الشيخ خالد المصلح والشيخ عبدالعزيز الفوزان، والشيخ عائض القرني، والشيخ سلمان العودة والشيخ محمد العريفي والشيخ سعد البريك، قريبين مني، وأنا قريب منهم، ولا أخفي علاقتي ببعض العلماء كالشيخ عبدالله بن منيع والشيخ عبدالله المطلق، والشيخ سعد الشثري، وإن كانت علاقتي معهم هي أقل من السابقين، لقرب السن ربما، والتشارك في الهموم والأهداف من جانب آخر. * كلمة أخيرة! - أشكركم في صحيفة «شمس» على هذا اللقاء، وأتمنى لكم مزيدا من النجاحات، وأن يختم لنا الرب جل وعلا شهر رمضان برضوانه والعتق من نيرانه، وأن يجعلنا من المقبولين في هذا الشهر الكريم، وكل عام وأنتم بخير.