.. لم يكن سيد الخلق عليه أفضل الصلاة وأكمل التسليم.. يمثّل أعظم شخصيات التاريخ لدى المسلمين فقط.. فهو كذلك وفوق ذلك.. لكن جموعا كثيرة من كبار المفكرين.. والأدباء.. والكتاب.. والعباقرة.. من ديانات مختلفة.. كتبوا عن النبي (محمد) ربما بأكثر مما كتب عنه في المكتبة الإسلامية.. نستعرض هنا بشكل يومي أهم وأبرز ما كُتِب عن شخصية الرسول العظيم.. عبْر عرض موجز لهذه الكتب.. ونقدم اليوم البروفيسور كارل إيرنست في كتابه (على نهج محمد). أهدى البروفيسور كارل إيرنست، كتابه (على نهج محمد) إلى أستاذته المستشرقة آن ماري شيمل. وعلى الرغم من الحجم الكبير للبروفيسور مؤلف هذا الكتاب، ومكانته في الجامعات الأمريكية؛ فإن كتابه هذا لم ينل حظا من الشهرة، كغيره من الكتابات الإسلامية التي ظهرت في الغرب! وربما لا يعرف الكثيرون أن “كارل إيرنست” أحد الباحثين البارزين في الدراسات الإسلامية في جامعة “نورث كارولاينا” الأمريكية، وهو الذي أدخل تدريس القرآن الكريم إلى جانب التوراة والإنجيل في مجال الدراسات اللاهوتية، على الرغم من المعارضة الشديدة التي أبدتها بعض الهيئات، حتى وصل الأمر إلى دهاليز المحاكم، فانتصر القضاء لرأي إيرنست! وينتظم كتاب إيرنست في سياق غربي متفتح، يهدف إلى تجريد الأديان مما لحق بها من تأثيرات عصبية... لتُقَدَّم على أساس نصوصها الأولى، لاسيما الدين الإسلامي الذي يحتاج الغرب إلى أن يفهمه على حقيقته. وقد اعترف إيرنست أن كتابه واجه تحدّيات للموافقة على طباعته بسبب أحداث 11 سبتمبر، واتُّهم بأنه يدعو طلابه إلى اعتناق الدين الإسلامي. يناقش المؤلف النظر إلى الإسلام من مفهوم الدين، ويعترف بأن الغرب لم يفهم حقيقة الإسلام إلى هذا اليوم، وأن الصورة النمطية التي يحملها، تعود إلى حقبة الحروب الصليبية، مؤكدا أن صورة الإسلام الحقيقية موجودة في القرآن الكريم، وسيرة نبيه محمد، صلى الله عليه وسلم. شخصية الرسول كما يعالج المؤلف مصادر الإسلام المقدسة، فيجد طرقا متعددة لبلوغ مرامه، وركز إيرنست كثيرا على شخصية الرسول وسيرته، محاولا إسقاط الأوصاف والروايات التي جاءت بخلفيات ذاتية، تفتقر إلى الفهم والمعلومات والموضوعية، وأوْلى القرآن عناية خاصة، مؤكدا أنه كلمة الله التي لا تبديل لها ولا تغيير. معيار السلوك أما موضوع الأخلاق والحياة في العالم، فقد أثاره المؤلف مُركزا على الأخلاق الدينية الإسلامية، آخذا في الاعتبار المذاهب الفكرية المتعددة، مميزا بين الرغبة في الوحدة الدينية، وبين الواقع الذي لم يشهدها يوما. ويرى إيرنست أن القرآن هو المصدر الأول والأرفع ليكون معيار السلوك القويم؛ لأنه كلام الله. التعددية كما يدعو المؤلف في كتابه إلى إعادة تصور الإسلام في القرن الحادي والعشرين، إذ إن الإسلام كناية عن رمز يتغير على مستوى المعنى (حسبما خصصه أشخاص مختلفون لأغراض معينة). والحل لا يكون إلا بإزالة طموح الغرب إلى جعل العالم كله على دينه وعاداته وثقافاته. ويرى إيرنست أن الإسلام يقبل التعددية الواردة فيه، وأنه من الظلم للإسلام سعي بعض المسلمين المتزمتين إلى إسلام مفرد.