رمضان شهر القرآن.. شهر الغفران.. تُصفَّد فيه مردة الجن، فضلا عن الشياطين، ويعيش فيه المسلمون جوا روحانيا لا مثيل له. في الشهر نفسه تستنفر القنوات العربية جهودها، وتعد عدتها لتتحف جمهورها بباقة من البرامج المسلية، على شكل دراما اجتماعية وتاريخية غالبا. كما لا تنسى أن تقدم لهم ما يشبع فضولهم ويؤنس يومهم من الفوازير الراقصة والمسابقات الفاضحة التي أصَّلت، وما زالت تؤصل، أن رمضان له نكهة مسائية خاصة عبارة عن مسحة من المتعة والترفيه لتعويض يوم طويل! من الجوع والعطش والتعب والإرهاق النفسي. الإعلام العربي أدى دورا سلبيا جدا في رمضان وشوَّه صورته، بما يقدم من مادة مخلة بالدين والأخلاق في أمسياته، وقنواته تنافس في الاستعداد للشهر الفضيل كما يجب أن يكون التنافس. لا يعني هذا أننا ندعو إلى إغلاق قنوات المتعة المباحة في هذا الشهر، لكن ينبغي التقليل منها ما أمكن والاستفادة القصوى من هذا الشهر في جانب العبادة والطاعة، حيث هي فرصة لا تتكرر إلى آخر العام. في ظني ينبغي أن تطوع الدراما في رمضان لتكون زادا علميا ثقافيا، متضمنة متعة بريئة من دون إسفاف وابتذال.. يمكن أن تكون المسلسلات وسيلة ممتازة لزيادة حصيلة المشاهدين الفقهية والأخلاقية وبطريقة إيجابية جميلة. أيضا يجب إعادة النظر في فترات البث لتكون أقل من الأيام العادية، ومرتبطة بمواعيد الصلوات؛ كي تكون عونا للصائمين على الطاعة، وليست وسيلة لإضاعة الصلوات على المسلمين. بالطبع ينبغي مراعاة فئات الأسرة المختلفة من أطفال ومراهقين وكبار، كل له حاجاته الخاصة المختلفة، التي يجب اعتبارها بشيء من التوازن، فتكون هناك فترات للأطفال تركز على الجوانب التربوية والأخلاقية وتشجع على العبادة بطرق محببة للأطفال. المراهقون أيضا يتابعون القنوات والإناث أكثر هو معلوم، وهذا يستوجب إعطاءهم جرعات من المواد الثقافية المنوعة الخفيفة، التي تتضمن بعض التوجيهات العامة والقضايا التعليمية المناسبة. أتمنى أن ترسل رسائل للقنوات العربية يوضح فيها ما ينبغي أن تكون عليه ولماذا والدور المناط بها، وأن تتعاون الجهات الدينية الدعوية والمؤسسات التعليمية والثقافية، لصياغة رؤية إعلامية ملائمة للشهر وللمشاهدين مستحضرة واقع الناس والمؤثرات عليهم وحاجاتهم الطبيعية.