.. لم يكن سيد الخلق عليه أفضل الصلاة وأكمل التسليم.. يمثّل أعظم شخصيات التاريخ لدى المسلمين فقط.. فهو كذلك وفوق ذلك.. لكن جموعا كثيرة من كبار المفكرين.. والأدباء.. والكتاب.. والعباقرة.. من ديانات مختلفة.. كتبوا عن النبي (محمد) ربما بأكثر مما كتب عنه في المكتبة الإسلامية.. نستعرض هنا بشكل يومي أهم وأبرز ما كُتِب عن شخصية الرسول العظيم.. عبْر عرض موجز لهذه الكتب.. ونقدم اليوم الباحثة البريطانية كارين أرمسترونج في كتابها (محمد صلى الله عليه وسلم نبي لزماننا). حين تعمقت الباحثة الكاثوليكية البريطانية كارين أرمسترونج في قراءة تاريخ الشرق الأوسط وثقافاته ودياناته، هالتها الصورة النمطية المشوهة التي رسمها الغرب لنبيّ الإسلام منذ الحروب الصليبية، فألَّفت كتابها (محمد نبيٌّ لزماننا).. وهو ليس الكتاب الأول الذي تصدره الباحثة، فمن مؤلفاتها أيضا: سيرة النبي محمد، وتاريخ الأديان السماوية، والقدس، وغيرها. حياة مثالية تستهلّ المؤلفة كتابها قائلة: “جسّدت حياة النبيّ المثالية الإسلامية قديما وحديثا، حيث تكشف سيرته ما غمض من تدبير الله لشؤون العالم، وتصوّر التسليم الكامل لله، الذي يجب على كل إنسان السعي لتحقيقه.. وقد اجتهد علماء المسلمين منذ البداية في جمع أقوال وأفعال النبي محمد وتقريراته، التي تبيّن الشريعة الإسلامية، وتعلّم المسلمين طريقة حياة النبي: كيف يتكلم ويأكل ويحب ويغتسل ويتعبد، وكيف مارس أدق تفاصيل حياته على الأرض؛ على أمل أن يصلوا مثله إلى التسليم الكامل لله”. وترى الباحثة، أن “في شخصية محمد النموذجية، دروسا مهمة، ليس فقط للمسلمين، لكن للغربيين أيضا، حيث كانت حياته كلها جهادا؛ ليجلب الأمن والسلام للدنيا كلها”. عداء الغرب وحول سر عداء الغرب للإسلام ونبيّه، قالت الباحثة كارين أرمسترونج: “علينا أن نتذكر أن الاتجاه العدائي ضد الإسلام في الغرب هو جزء من منظومة القيم الغربية، التي بدأت في التشكل في عصر النهضة والحملات الصليبية، وهي بداية استعادة الغرب لذاته الخاصة مرة أخرى، فالقرن ال11 كان بداية لأوروبا الجديدة، وكانت الحملات الصليبية بمثابة أول رد فعل جماعي تقوم به أوروبا الجديدة”. ولعلّ كتاب (محمد نبيٌّ لزماننا) يجعل الغربيين يعيدون النظر في ثقافتهم العدائية الموروثة منذ العصور الوسطى.. فهذه الباحثة أحد الذين درسوا السيرة النبوية الشريفة بموضوعية، وبعيدا عن الفكر التقليدي والتعصب. واستطاعت المؤلفة عبر فصول هذا الكتاب أن تقدّم رؤيتها تجاه النبيّ الخاتم، ومدى احتياج البشرية إلى رسالته الربانية وتعاليمه الإنسانية؛ لإنقاذ العالم من مهالك الحروب التي أحرقت الملايين، وأوشكت أن تهلك الآخرين. مفتاح القضية تؤكد الباحثة، أن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس مجرَّد بشر؛ بلْ هو بشر يُوحى إليه من لَدُن ربّ العالمين.. أي أنه بشر، لكنه ليس ككلِّ البشر، فقد امتاز على جميع البشر بأنه موصول بمدد الوحي... فهو لا ينطق عن الهوى كما ينطق البشر بعادتهم عن الهوى فكان معه جبريل والعلم الإلهي والقدرة الإلهية. وهذا مفتاح فهم قضية النبوة كلها، وهذه هي حقيقة محمَّد عليه الصلاة والسلام. ومن هذا المنطلق ينبغي أن ينظر إلى رسالة الإسلام الخالدة.