عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المستشار الشرعي والإعلامي مع ضجيج الحياة وزحام الدنيا، ومع النزوات العابرة والشهوات العارمة، تأتي مدرسة رمضان لتعيد للقلوب صفاءها وللنفوس إشراقها وللضمائر نقاءها.. يجول رمضان في أرجاء النفس فيغرس بذور الخير والصلاح. لذا يعد الصيام من أكبر أسباب التقوى والمغفرة، هاتان الكلمتان اللتان أصبحنا نذكرهما ونتحدث عنهما دون تأمل أو تدبر، ولكن النفس إن لم تتهيأ وتستعد؛ فإن رمضان يمضى عليها كما مضى غيره، ومهما كان حماسها في أوله فإنها قد تفتر وتضعف، وقد تفوت هذه الأيام المعدودات دون أن يشعر، قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)) البقرة:183. علينا أن نحيي أيام هذا الشهر الكريم بالصيام، ونعمر لياليه بالقيام، وأن نكثر فيه من تلاوة القرآن، والتقرب من الله عز وجل بنفوس مطمئنة مقبلة، وقلوب خاشعة وجلة. ولقد كان المسلمون قديما يزيدون من إنارة المساجد عند رؤية هلال شهر رمضان، قال أحمد بن يوسف الكاتب العباسي: أمرني الخليفة المأمون بأن أكتب إلى جميع العمال في أخذ الناس بالاستكثار من المصابيح في شهر رمضان، وتعريفهم بما في ذلك من الفضل. قال: فما دريت أن أكتب، ولا ما أقول في ذلك، إذ لم يسبقني إليه أحد، فأسلك طريقه. واتفق أن نمت وقت القيلولة، فآتاني آت في منامي، فقال اكتب: “فإن في ذلك أُنْسَا للسابلة، وإضاءة للمتهجدين ونقيا لمظان الريب، وتنزيها لبيوت الله - عزّ وجل - من وحشة الظلم”. وإن من خير ما يستقبل به هذا الشهر العظيم: التوبة لله عز وجل، ومحاسبة النفس، وقد قال عليه الصلاة والسلام: “الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن، إذا اجتنبت الكبائر”.