مع اتساع الأحياء السكنية العمرانية وتداخلها مع خطوط الضغط العالي ذات الجهد الكبير جدا، بدأت قضية الأخطار الصحية على السكان، والتأثيرات السلبية على المدى القصير أو البعيد، تفرض نفسها على سكان الأحياء التي تمر بها خطوط الضغط العالي، الذين بدأوا يطالبون بالمساعدة لإنقاذهم من هذه الأخطار. وقد رصدنا بالفعل معاناة سكان محافظتي الخبر والظهران، مع دائرة الضغط العالي، والتي يكونها مجموع أربعة أحياء، هي الدوحة والسلطانة والقصور والحرس الوطني.. وحالة هذه الأحياء تمثل صورة طبق الأصل لحالة كثير من الأحياء في مناطق أخرى بالسعودية. ولتسليط الضوء على شكاوى سكان هذه الأحياء التي تمر بها خطوط الضغط العالي، وكشف حقيقة المخاطر التي تتهددهم، وموقف المسؤولين منها.. فتحت “شمس” التحقيق في هذا الموضوع. عدم الوعي في البداية أكد محمد الرشيد، أحد سكان حي السلطانة، أن معظم سكان الحي يجهلون مخاطر خطوط الضغط العالي، وما ينتج عنها من موجات كهرومغناطيسية، ويعود ذلك إلى نقص الثقافة الصحية والوعي العام. وأضاف: “كنت أسمع فيما مضى عن المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها السكان من مرور خطوط نقل الطاقة الكهربائية في محيط مساكنهم، وكيف أن أمراضا مختلفة قد تصيب الكبار والصغار جراء تعرضهم لموجات هذه الخطوط؛ ولكن مع مشاغل الدنيا وأزمة السكن الحاصلة، لم يعد هناك مجال للتفكير في هذه الأمور”. وشدد الرشيد على ضرورة بحث هذه القضية التي تهدد الأمن الصحي للمواطنين، وأضاف: “إن على الشركة والمسؤولين طرح حلول جذرية لهذه المشكلة التي تعانيها بعض الأحياء السكنية، بسبب التمدد العمراني”. سكن إجباري ومن جانبه، قال صالح بن عبدالله الشمري، الذي يسكن الحي منذ أكثر من 15 سنة: “سمعنا أن لخطوط الضغط العالي قطرا معينا يكمن الخطر خلاله”. وأضاف: “أنا أمتلك مكتب عقارات في الحي، وأجد أن جميع السكان بالحي مجبرون على السكن في هذا الإطار، لعدم توفر خيارات أخرى تمكنهم من الانتقال منه”. أخطار محدقة ومن المفارقات أن يكون أحد الأساتذة الجامعيين من ذوي الوعي بمخاطر هذه الخطوط، هو أحد سكان حي السلطنة منذ أكثر من خمس سنوات، وهو الدكتور محمد بن علي السلمي، أستاذ قسم الفيزياء النووية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، الذي قال: “الموجات الكهرومغناطيسية تسبب أمراضا خطيرة، منها أمراض السرطان المختلفة واختلالات في المخ”. وأضاف: “لذا كنت حريصا على أن يبعد منزلي أكثر من 200 متر عن خطوط الضغط العالي”. ولفت إلى أن هناك ذبذبات صادرة عن هذه الأبراج. وأوضح: “إذا وضعت بوصلة بالقرب من هذه الأبراج سيتحرك المؤشر بقوة”. وذكر أن “خطرها يكون أشد في محيط ال 50 مترا المحيطة بالبرج، وكلما ابتعدت قل الخطر، إذ تقل تأثيراتها إلى 10 في المئة على بعد 200 متر”. وأوضح الدكتور السلمي أنه في الدول المتقدمة لا يمكن أن توجد مثل هذه الخطوط الضخمة ذات الجهد العالي جدا لنقل الكهرباء وسط الأحياء السكنية. وأضاف: “هذه الخطوط سبقت كثيرا من الأحياء السكنية في النشأة؛ وقد كان من الواجب على الشركة السعودية للكهرباء أن تبدأ في البحث عن حلول منطقية لا تضر المواطن ولا الشركة؛ حتى نصل إلى بر الأمان”. وأشار إلى أن “الحلول معروفة وممكنة، مثل نقل هذه الخطوط إلى تحت الأرض”. واستدرك: “إنه قد تكون التكلفة الباهظة هي السبب الحقيقي وراء عدم الإقدام على هذه الحلول”. وأضاف السلمي: “هناك بعض المطورين العقاريين الذين يملكون القوة المادية والإمكانيات، قد استطاعوا إزالة مثل هذه الخطوط، حين استشعروا الخطر الذي تشكله، وهذا الأمر قد يؤثر مستقبلا على أسعار الأراضي والطلب على مثل هذه المواقع”.