كلها أيام ونستقبل رمضان المبارك، الذي يعد من الفرص العظيمة التي هيأها الله عز وجل لعباده المؤمنين، ومنحنا هذه الفرصة التي يجب أن نستغلها، ونضاعف فيها العبادات والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، وكل واحد فينا تدور في مخيلته أسماء لأناس يعرفهم، كانوا موجودين معنا في رمضان الماضي، واليوم نفتقدهم، إما بمرض أو موت أو أي عارض من عوارض الدنيا.. عن الاستعداد للشهر الفضيل تحدث إلى «شمس» عدد من المشايخ والعلماء الذين يذكرون الناس بالخير العظيم الذي ينتظرهم في هذا الشهر ويحثونهم على التغير إلى الأفضل.. رمضان فرصة للأجر في البداية ذكر الشيخ عبدالله المطلق، أن رمضان من الفرص التي جعلها الله تعالى لعباده المؤمنين؛ ليتقربوا إليه وليزدادوا من الحسنات، ويتخفوا من السيئات، وهو شهر مبارك يضاعف فيه الأجر؛ فليله يعمر بالقرآن والقيام، ونهاره يعمر بالصيام، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)، وقال صلى الله عليه وسلم: (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)؛ فهو شهر تفتح فيه أبواب الرحمات وتغلق فيه أبواب العذاب، وتتهيأ فيه العبادات لمن أراد أن يتقرب إلى الله، سواء في ليله أو نهاره، هذا الشهر المبارك يهتم الذين يخططون للآخرة به؛ لأنه فرصة نادرة، ولأنه تزداد فيه أرصدة الخير، يقول فيه النبي صلى الله عليه سلم: (ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ولم يغفر له)؛ فهذا شهر فيه من مناسبات الخير ما ينبغي على المسلم أن يحسن التخطيط له. ضعوا خططا لأعمال الخير وذكر المطلق، أن التخطيط يساعد على استغلال الفرصة، ففي هذا الشهر عبادة الصيام، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (الصوم جنة ما لم يخرقها)، والذي يخرق هذه الجنة هي المعاصي من قول الزور والعمل به وشهادة الزور وجميع ما يعمله الإنسان مما يبعده عن الله عز وجل، وإني أحث كل واحد من إخواني على أن يضع خطة لكل أعمال الخير، فجميل أن يكون للشاب أو الفتاة خطة لقراءة القرآن وتدبره والتأثر به، فإن هذه العبادات من أعظم العبادات، ورمضان فرصة ليحمل الإنسان نفسه على تدبر القرآن والعمل به، كما قال الله تعالى (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)؛ فبالتخطيط السليم يصل المسلم إلى الهدف المنشود بأقصر طريق وأقل كلفة، وبعيدا عن كل الموانع المثبطة عن الوصول إلى الله. رمضان فرصة للتغير وحول استغلال شهر رمضان واعتباره فرصة للتغير قال الشيخ المطلق: «إن من خصائص شهر رمضان أن يقود الإنسان إلى الأفضل ومحاولة تحسين ذاته، فيمكن مثلا أن يكون فرصة؛ فشارب الدخان يستطيع أن يجعل من هذا الشهر سببا في الإقلاع عن هذه العادة القبيحة، وكثيرون استطاعوا أن يقلعوا ويصبحوا مبتعدين عنها؛ لأنهم استفادوا من مدرسة رمضان، لذلك أوصي إخواني بضرورة استغلال الشهر المبارك للتغيير نحو الأفضل، ومحاولة البحث عن الوسائل الممكنة كافة للإقلاع عن المعاصي والمحرمات، وأن يكون همه كيف يتخلص من هذه الآفة وإلى الأبد، بدلا من التخلص الجزئي الزمني منها؛ لأننا نرى ونشاهد كثيرين لا يستفيدون من معية الله لهم عند كونهم صائمين طائعين، فيحاولون أن يستفيدوا من قربهم من الله، بالجزم على أنفسهم بالتوبة والإقلاع، فمدرسة رمضان تعد من أعظم المدارس الحياتية التي تربي الإنسان على الصبر والطاعة والقرب من الله عز وجل. استعداد غير مثالي من جهته بدأ الشيخ الدكتور صالح العصيمي عضو جمعية الفقه السعودي حديثه عن شهر رمضان، مؤكدا أنه منحة إلهية وهبة ربانية يجب على كل من بلغها أن يشكر الله عليها تمام الشكر، هذا أولا، والله عز وجل كتب علينا هذا الصيام رحمة بنا وجعله سبحانه وتعالى بابا من أبواب مغفرته؛ فالله عز وجل يقول: (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ)، فهو سبحانه ما جعل مثل هذه المواسم الخيرة إلا ليجعلنا منه أقرب وإليه أحرص وأعبد وأرغب، وأن نكثر من الحسنات وأن نحجم عن السيئات؛ لأن الله يريد أن يتوب علينا، لكن في الوقت ذاته نحن بلينا بأصحاب الشهوات؛ لأن الله عز وجل يقول: (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ..)، ومن المؤسف أن يكون استعداد المجتمع لرمضان استعدادا بعيدا عن الاستعداد الحقيقي والمطلوب، فنزر ليس باليسير من هؤلاء الممثلين ممن استعدوا لرمضان بالمسلسلات الماجنة والبرامج الفاضحة؛ بحثا عن موسم رمضان وترك العام كله، وانصرف إلى رمضان، واعتبره الموسم المثالي؛ لأنه يجد أزا من إخوانه من شياطين الإنس، والعجيب أن هؤلاء الشياطين أي شياطين يخف دورهم ويصفدون، لكن هؤلاء يقومون بأدوارهم وأدوار إخوانهم من شياطين، فما أن ينتهي رمضان إلا وهم يستعدون لرمضان المقبل، ويقولون نريد أن نخفف عن الصائم، ونريد أن نزرع البسمة، فنقول لهم النبي صلى الله عليه وسلم حمل عنكم مئونة أن يفرح المسلم فقال عليه الصلاة والسلام: (للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه). الاستعداد المفترض وبيَّن فضيلة الدكتور العصيمي، أن الاستعداد لشهر الخير والبركة والبر والإحسان لا يكون بهذه الطريقة التي يقوم بها هؤلاء، والواجب أن يكون الاستعداد بتهيئة النفس للعبادة والصيام وأداء الصلوات وفعل السنن ومناديب الخير، وأن يؤجل كلٌ أعماله حتى نهاية هذا الشهر؛ لننقطع عن الدنيا قليلا، ونقبل على الآخرة، وعلى فعل الخير، أما ما يفعله البعض من التأكد من عمل اللاقط الهوائي هل هو يعمل جيدا أم لا، والآخر يعمد إلى شراء جهاز تلفزيون حديث، حتى يستمتع على حد زعمه ببرامج رمضان؛ بحثا عن شاشات أكبر، ولعلك تتجول في الشوارع الآن لتجد تهيؤ الكثير لإنشاء ملاعب كرة القدم وكرة الطائرة والإنارة، وكأن شهر رمضان هو شهر للهو واللعب ومتابعة الرياضة وغيرها، وكأن رمضان موسم عذاب يريد الشخص أن يتخلص منه، فبدلا من الحالة المفترضة والتي ينبغي أن يكون عليها حالنا من أن يذهب الشخص ليشتري مصاحف له ولأبنائه ويحفزهم على فعل الخير والطاعة والبر.